الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

دراسات عمالية

الصفحة السابقة »

مفهوم السوق من منظور اقتصادي


مفهوم السوق من منظور اقتصادي


د . محمود الكيلاني


ثمة موضوعات وقضايا مهمة وحيوية ، تتطلب باستمرار عملية الحفر المعرفي العميق ، لتظهير عناصرها وحقائقها الجوهرية ، وللعمل على ربطها مع بقية عناصر الرؤية ، وذلك من أجل بناء نظرية متكاملة في هذا الموضوع أو تلك القضية .
ولعل من الموضوعات المهمة ، التي تحتاج إلى عملية الحفر المعرفي ، وربط الأجزاء مع بعضها للخروج برؤية متكاملة، مسألة السوق كعملية اقتصادية وتجارية متكاملة .. وهذا المقال هي محاولة نظرية أولية ، للعمل على صياغة رؤية متكاملة وفق النصوص التأسيسية لقضايا السوق المختلفة .
في علم الاقتصاد استخدمت مقولة (السوق) في معنى أوسع من المعنى اللغوي المذكور .. إذ عرف السوق اقتصادياً ، بأنه مجموعة العلاقات المتبادلة بين البائعين والمشترين الذين تتلاقى رغباتهم أو حاجاتهم في تبادل سلعة أو خدمة معينة ومحددة باعتبار أن حاجات الإنسان عديدة ومتنوعة ، وأنه لايمكن أن يلبيها بمفرده ، فوجب التعاون بين أبناء المجتمع الواحد من أجل توفير حاجاتهم وضروراتهم .
وانطلاقا من عملية التعاون التي تجري بين أبناء المجتمع الواحد ، من أجل توفير حاجاتهم تبدأ عملية (التبادل) ، لضمان سلامة التعاون والتوزيع الاجتماعي للعمل . وحتى تسير عملية التبادل بشكل سليم ويسير ، كان لابد من جهاز ينظم عملية التبادل ، وهذا الجهاز هو ما يطلق عليه (السوق) ، إذ هو الجهاز الذي يقوم بتنظيم عملية التبادل بين البشر . وقد أصبحت كلمة السوق تطلق في اللغة على المكان أو البقعة الجغرافية ، التي تباع فيها السلع وتشترى ، إذ جاء في لسان العرب لابن منظور أن السوق هو موضع البيع والشراء والتعامل .
وفي علم الاقتصاد استخدمت مقولة (السوق) في معنى أوسع من المعنى اللغوي المذكور. إذ عرف السوق اقتصادياً ، بأنه مجموعة العلاقات المتبادلة بين البائعين والمشترين الذين تتلاقى رغباتهم أو حاجاتهم في تبادل سلعة أو خدمة معينة ومحددة . وبفعل التقدم التقني والتكنولوجي وثروة الاتصالات والمواصلات أصبح السوق يشمل العالم بأسره وبالتالي فإن السوق يوفر للمجتمع حاجاته المتعددة ، ويقوم بتوزيع وتدوير الثروة داخل المجتمع عن طريق البيع والشراء وما أشبه .
وتقسم الأسواق إلى أقسام مختلفة ، فمن حيث استمرارها قد تكون دائمة كسوق الأوراق المالية ، أو مؤقتة كأسواق القرى والمعارض .. ومن حيث اتساعها قد تكون محلية كأسواق المدن أو سوق النقل الداخلي ، أو عالمية كسوق السكر . ومن حيث أنواع السلع المتداولة ، تقسم الأسواق لأقسام شتى لكل سلعة أو لكل مجموعة من السلع سوقها . ومن ذلك أسواق العقارات وأسواق العملات الأجنبية وأسواق المحاصيل الزراعية كالقمح والأرز ، وأسواق المنتجات الصناعية كالصلب والآلات وغيرها . ومن حيث الغرض من استخدام السلعة إلى سوق سلع الإنتاج وسوق سلع الاستهلاك ، ومن حيث الكميات المتداولة إلى سوق الجملة وسوق التجزئة . وعلى هذا فإن السوق يقوم بدور حيوي في تسيير الاقتصاد ، كما أنه يعالج مشكلة التوزيع للموارد الاقتصادية ، ويحقق التوازن بين الكميات المعروضة من المنتجات، والكميات المطلوبة منها .
وقد ارتبطت ظاهرة السوق من حيث النشأة والتكوين بتطور وتقدم النشاط الاقتصادي ، الذي يهدف إلى إشباع حاجات الإنسان هذا من جهة ، ومن جهة أخرى بفعل تعاظم وازدياد حركة التبادل التجاري . لذلك فإننا لايمكننا أن نتصور وجودا بشريا بلا سوق ، إذ من لوازم الوجود البشري وجود السوق الذي يقوم بعملية تنظيم الحياة الاقتصادية لهذا الوجود . وتبقى القاعدة الأولية لهذه الظاهرة هي تقسيم العمل الاجتماعي ، ووجود شرائح اجتماعية مختلفة متعددة المستويات المادية .

 


مشاركة :
طباعة