الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

دراسات عمالية

الصفحة السابقة »

إدارة تطوير المؤسسة


إدارة تطوير المؤسسة

د . خالد البكار


إدارة التطوير ( التغيير ) هي الإدارة التدبيرية التي تعنى بعملية الانتقال من حالة معينة ( الوضع الراهـن والذي يشكل المشكلة ) ، إلى وضع جديد ( الوضع المرغوب الانتقال إليه والذي يعتبر بمثابة الحل ) ، وهذه العملية تتطلب إطار عمل يتمثل في إتباع مجموعـة من الخطـوات وهي : تشخيـص وتحليـل المشكلة ، تحديد الأهداف المنشودة ، تنفيذ وتحقيق هذه الأهداف ، وضع خطـة مفصلة مبنية على رؤية معينة لعملية الانتقال من الوضع القديم إلى الحالة المرغوب فيها بشكل  منتظم ، البحث عن البدائل الممكنـة لإيجاد حلول مناسبة ، الحصول على دعم ومساندة لعملية التغيير والالتزام بها ، اختيار البديل الأمثل الذي يحقق أفضل النتائج ، اتخاذ القرار المناسب ، مراقبة سير العمل وأدائه ، ومتابعة آلية وكيفية تحقيق النتائج .
وهناك حزمة من الأسباب التي تدعو إلى التطوير ، وهذه الأسباب هي : عدم الرضا عن الوضع الراهن ، الشعور بأن التغيير وارد كحقيقة لابد منهـا ، الوصول إلى وضـع أفضل ( كشغل وظيفة أخرى براتب أعلى مثلا ) ، وتحقيق طموحات شخصية أو تحقيق الذات . أما أسباب فشل عملية التغيير فهي عديدة ، وأهمها : مقاومة عاملي وموظفي المؤسسات والشركات للتغيير . ومن الأسباب الكامنة وراء مقاومة الأفراد للتغيير الاعتقاد بأنه لا توجد هناك حاجة حقيقية للتغيير ، وأن التغيير له مخاطر تفوق الفوائد ، وأن عملية التغيير محكوم عليها بالفشل . وقد توصلت معظم الأبحاث التي أجريت على موضوع التغيير إلى أنه لا يمكن للمؤسسات الإبقاء على أداء متميز للعاملين فيها على المدى البعيد ما لم تكن لديها فلسفة مؤسسية راسخة تشجع على ثقافة التأقلم أو التكيف مع بيئة عمل متغيرة . وقد توصلت هذه الأبحاث إلى أن 60% من مشاريع إعادة هيكلة أو إعادة هندسة عمليات الأعمال قد فشلت بسبب مقاومة الموظفين لعملية التغيير ، وقد أكد هذه الأبحاث مسح أجري على عدد كبير من مدراء المؤسسات والشركات التنفيذييــن في أوروبا ، إذ توصل هذا المسح إلى أن السبب الرئيسي في فشل معظم عمليات التغيير هو أيضا مقاومة العاملين والموظفين لمبدأ التغيير نفسه .
ومن الحلول الفاعلة في إدارة التغيير خلق أجواء مناسبة للشفافية المطلقة والتواصل الفعال والمفتوح مع الموظفين ، والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم ، الحصول على دعمهم على جميع المستويات ، وتوضيح أهمية التغيير لهم وللمؤسسة أو الشركة ، والعمل الجاد على التغلب على مقاومتهم للتغيير ، وإشراكهم في كافة مراحل عملية التغيير وذلك بجعلهم شركاء فاعلين في هذه العملية . إن تفعيل عملية التغيير وجعلها عملية ناجحة بكل المقاييس يتطلب وضع استراتيجيات مدروسة ومحكمة جيدا بحيث تأخذ في الاعتبار جميع ردود الفعل المحتملة ( كرفض عملية التغيير من أساسها لاسيما أثناء مرحلة الانتقال ) ، ويجب على وكلاء التغيير مساعدة الموظفين على الانتقال من الحالة القديمة إلى الوضع الجديد بكل ارتياح وثقة وتوضيح الأهداف المرجوة من عملية التغيير بدقة وشفافية وطمأنتهم بأن التغيير لن يكون ضد مصالحهم الشخصية وذلك من خلال بناء علاقات جيدة معهم ، الأمر الذي يتطلب حرفية مهنية عالية المستوى في إدارة العلاقات ، ولابد أيضا لوكلاء التغيير أن يهتموا اهتماما جليا بتكوين فريق عمل متخصص لعبور مرحلة الانتقال بشكل آمن وبذل كل جهد ممكن من أجل إنجاح عملية التغيير .
 ولا بد من الذكر أن نجاح عمل الفريق أثناء المرحلة الانتقالية يتطلب التركيز على الضرورات الست التالية وهي : المعرفة الواسعة ، الرؤية الثابتة ، الإيمان الراسخ ، المبادرة ، التدريب . ومن المهارات التي يجب أن يتحلى بها وكلاء التغيير المهارات السياسية وهي تتمثل في الحكم على الأشياء حسبما يفرضه الواقع الراهن والمهارات التحليلية كالتحليل العقلاني والموضوعي للأمور ، فالتخمين مثلا لا ينفع في التعامل مع أية معطيات في غياب دراستها وتحليلها بما يتوافق كليا مع مبادئ المنطق العلمي ( مثلا كدراسة عوامل معينة من خلال إخضاعها للمقارنـة أو التحليل   النسبي ) : وهناك فرضيات أساسية في عملية إدارة التطوير :
- الفرضية الأولى : تفترض أن الأفراد ( العمال أو الموظفين ) يهتمون فقط بمصالحهم الشخصية وأن هذا الاهتمام نابع من كونهم أناسا عقلانيين .
 - الفرضية الثانية : تقر بأن الأفراد هم كائنات اجتماعية ، وبناء عليه فهم يلتزمون بالأعراف الثقافية والقيم الاجتماعية .
 - الفرضية الثالثة : تقول إن الأفراد هم ببساطة أناس متجاوبون أو متعاونون مع غيرهم ، وبالتالي سيقومون بعمل ما يطلب منهم .
 - الفرضية الرابعة: تفترض أن الأفراد يرفضون الخسارة ولكنهم بالرغم من ذلك قادرون على التكيف مع أية ظروف جديدة تفرضها حيثيات وقوى التغيير .
ومن العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند اختيار الاستراتيجية المناسبة : مراعاة مصالح الأفراد الذين تشملهم عملية التغيير ، ودرجة اعتماد المؤسسة أو الشركة عليهم ، ودرجة مقاومتهم لعملية التغيير . ولكي تتكلل عملية التغيير بالنجاح المطلوب هناك خمسة حواجز يجب اجتيازها ، وهي : الوعي أو الإدراك بأن التغيير مطلب ضروري ، وأن تكون هناك رغبة قوية من الأفراد بدعم عملية التغيير والمشاركة الفاعلة فيها ، والعمل على تنمية مهارات وسلوكيات جديدة تتناسـب مـع الوضع الجديد ، وأن يكون هناك استعداد واف لجعل عملية التغيير مستمرة ومتواصلة ، وعدم العودة أو حتى التفكير بالعودة إلى العهد القديم .

 


مشاركة :
طباعة