الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

دراسات عمالية

الصفحة السابقة »

الإنسان بين الريادة والمبادرة

الإنسان بين الريادة والمبادرة

تتألق الريادة لدى الإنسان في عزمه على العمل والاخلاص له وعظمة العمل تتجلى في المبادرة الإنسانية سواء في السر أو العلانية والثبات في قول الحق وعلو الهمة والشجاعة والإقدام والجرأة والحرص على العمل ونشره والصبر واحتمال المكاره والكرم في موضعه والشكر والعفو والوفاء والاحترام والعطف والرحمة وقبول المعذرة والتواضع واليسر. قال الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم        وتأتي على قدر الكرام المكارم
والريادة تعني الاعتماد على الذات دون انتظار عون من أحد لأن الرائد ينظر دوماً إلى المستقبل لا يأبه للصعاب وفي ذلك قيل:
خاطر بنفسك لا تقنع بمعجزة        فليس حر على عجز بمعذور
والريادة الصادقة للانسان تشبه قوة خفية تسير خلف ظهره تدفعه دفعا للأمام على طريق النجاح وتتنامى مع الوقت حتى تمنعه من التوقف أو التراجع. وهي ليست قالبا جامدا تعتمد في ماهيتها على حسن النوايا فقط إنما تنمو بالمبادرة للأعمال الصالحة وهذا بطبيعته ثروة في عالم البشر لاسيما وأن الريادة والمبادرة توءمان لا ينفصلان وليس صاحب المبادرة إلا شخص امتطى نهج الريادة و(الرائد –كما قيل- لا يكذب أهله) لماذا..؟ لأنه يتصف بشمائل وخصال قل من يمتلكها غيره وحظي على مقومات يصعب على بعضهم ان يحظى بها يرى العالم حوله جميلا مليئا بالناس الطيبين والمعطائين يحبه جميع من حوله لاسهاماته الطيبة في العمل الاجتماعي والوطني وهو مثال يحتذى في حرصه على وطنه وفي غيرته على مجتمعه وفي محبته للآخرين وما يحظى به من معارف ومهارات وخيرات تؤهله للتكيف والعمل والعطاء والانتاج والابداع. ومن الشعر في هذا المقام قولهم:
حري بالعلى من يصطفيها        ويقتحم الخطوب السود فيها
فيما تعتبر المبادرة صفة بشرية مميزة رافقت الإنسان منذ وجوده وكانت أحد مفاتيح تقدمه واستمراره وقد شكلت واحدة من موضوعات المدح أو الفخر والاعتزاز حيث حفظ ديوان العرب نماذج عديدة من الأشعار برزت من خلالها المبادرة بصفتها مادة ترفع من شأن الفرد ولمناقبه الحميدة تجعله جديرا بالمدح فتحفظ بذلك مآثره. قال الشاعر:
إذا القوم قالوا: من فتى؟        خلت أنني عنيت فلم أكسل أو أتبلد
وإذا كان للنفوس مبادرتها كما للعقول حيث يتجلى في الأولى القدرة على قطع الحبال فلا يصعب على الأخرى ان تقلع الجبال ولولا هذه القدرات الجريئة لأصحاب المبادرات لما تمكن الإنسان من مواجهة المصاعب بالحلول المبتكرة.
وقد يرى بعضهم ان المبادرة مباشرة المرء مدفوعا بنزعة استقلالية عملا أو سلسلة من الأعمال المبتكرة أو غير مبتكرة فيما يرى آخرون في المبادرة اصرار ملح إلى حد يركز فيه الإنسان كل طاقاته لتحقيق غاية بعينها يراها حيوية له لا مناص من التمسك بها والعمل على بلوغها حتى لو بذل في ذلك ذاته.
وباعتبار ان المبادرة تلعب دورا هاما في تفجير القوى الريادية لدى الإنسان القوى الخلاقة لديه فقد عدت كثرة المبادرات ريادة والرائد منها في زيادة لاسيما لما يلاقيه الأخير من تشجيع وهذا وقود الأعمال الرائدة.
ولا يخلو صاحب مبادرة من رأي ومن له رأي يجب ان يحترم رأيه وربما لا يكون كذلك فيلقى المتاعب ولكنه في الوقت نفسه يعلن عن ذاته مدافعا عن مبادرته لأن الريادة لا تقبل من أحد ان يكون صفرا أو بالأصح صفرا على الشمال.
إن ذا الريادة وان حط نفسه يأبى إلا العلو كالشعلة من النار يخفيها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعا ويعتبر الإنسان صاحب المبادرة من أهم عناصر الريادة وجوهر المبادرة والريادة واحد بغض النظر عن الأسباب والنتائج لأن الريادة أول ما تعنيه لدى الإنسان ابداع المبادرة والجرأة بمباشرتها وبين الريادة والمبادرة وشائج وصلات انهما يتطلعان دوماً نحو المستقبل.
وتتجلى الريادة في انها مبدأ والمبدأ يحتاج إلى تجسيد المبادرة تحقق الريادة وتجسد المبدأ في تحقيق المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة أو يطغى العام على الخاص العام أولاً.
وقد تتخذ المبادرة أثناء التنفيذ العملي أشكالا وممارسات مختلفة ومتنوعة حيث يبادر الإنسان تلقائيا إلى مؤازرة سواه وفي تمثله للقدوة الحسنة وهو يحث غيره على فعل ذلك مما يضفي السرور على الرائد بما أنجزه من مهام المبادرة والريادة وان كانت الأولى تروج لدى سعاة الخير أكثر فإن الأخيرة تجعل الإنسان قويا متفائلا بالحاضر والمستقبل كذلك هي المبادرة الريادية في بنيويتها للشمولية للمنظومة الأخلاقية إذ الأخلاق تنكشف في ساعة الشدة وليس من الريادة مبادرة بلا أخلاق وإلا صار المرء يسبح عكس التيار.
‏11‏/11‏/2014


 


مشاركة :
طباعة