الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

دراسات عمالية

الصفحة السابقة »

دور الحوار والمفاوضة في تطوير العمل وحل نزاعات العمل -19-

 منظمة العمل الدولية والحوار الاجتماعي:  حيث تمثل منظمة العمل الدولية المنتدى العالمي الأكثر تقدما وتميزاً بالطابع المؤسسي للحوار الاجتماعي إذ توفر منبراً فريداً للتعاون الثلاثي وتعرف بها المنظمات الدولية الأخرى على أنها المصدر والحارس الشرعي الوحيد لمعايير العمل الدولية ونظراً إلى أن الأمم المتحدة سعت في السنوات الأخيرة إلى تحقيق اتساق أفضل على صعيد المنظومة فقد أتيح لمنظمة العمل الدولية مزيد من الفرص لإدماج مفاهيم الحوار الاجتماعي والهيكل الثلاثي في عمل وكالات الأمم المتحدة الأخرى خاصة على الصعيد الوطني وبجدارة ذلك عادة من خلال  التفاوض وتنفيذ أطر عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية التي تحدد أطر البرامج الإستراتيجية وتعطي نظرة عن تقدم البلد ونتائجه وعممت أكثر فأكثر في أطر عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية . الأهداف الإستراتيجية الأربع لمنظمة العمل الدولية، وبرنامج العمل اللائق، وعنصر المساواة بين الجنسين المشترك بين عدة قطاعات وبعد تحليل 25 وثيقة من وثائق أطر عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية وقعت عام 2011 أن 97% منها قد أدمجت على الأقل ثلاثة أهداف من الأهداف الإستراتيجية لمنظمة العمل الدولية بينما كانت هذه النسبة 75% عام 2010 م  ويتضمن ما يقارب 60% من أحدث أطر عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية كُل الأهداف الإستراتيجية للمنظمة والواردة في إعلان المبادئ والاتفاقيات السبع الأساسية. كما قدمت منظمة العمل الدولية بالتعاون مع المنظمات النقابية العمالية العالمية خدمات واستشارات تتعلق بالتقليل من الفقر والعوز وأرضيات صالحة للحماية الاجتماعية في إطار قوانينها وتشريعاتها المحلية والدولية بطريقة مفادها إمكانية إدارة المخاطر التي تتعرض لها البلدان ذات طرق ووسائل الاستخدام الهشة والاقتصاد النامي . كما أتاحت الأزمة المالية عام 2008 وحتى الآن فرصاً لمنظمة العمل الدولية للتعاون مع المؤسسات المالية الدولية ومؤسسات اقتصادية أخرى سعياً إلى تحقيق مزيد من اتساقات السياسات في الحوار الاجتماعي وغالباً ما أتاحت مجموعة الدول العشرين الصناعية هذه الفرص.
ولأن الشراكة القوية بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال تمثل سمة أساسية لبناء جسر فعال ودائم يربط بين عالمي التعليم والعمل . فقد عملت الدول الصناعية على تنشيط ودعم الحوار الثلاثي بين أطراف العمل والمفاوضة الجماعية بين أصحاب العمل والعمال حيث يشاركون من خلال الحوار في تقييم سياسات المهارات وتنفيذها وتقييمها وذلك لبناء الشيء الأهم  وهو أن التماسك الاجتماعي هدف رئيسي وهام من أهداف التنمية ولا يمكن الوصول إلى خيارات اقتصادية جيدة وواضحة بدون التعامل مع الحرية النقابية ودور العمال وأصحاب العمل في الحوار الاجتماعي الوطني ولاسيما فيما يتعلق بالمشاركة في الخيارات السياسية أوقات أزمات البلدان من أي نوع كانت هذه الأزمة وذلك لضمان العدل والإدماج والتماسك الاجتماعي والاستقرار حين تدعو الحاجة إلى القيام بخيارات اقتصادية واجتماعية صعبة.
- ولا بد من العودة إلى أهداف منظمة العمل الدولية الأربعة التي أولها(1) الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية وتعزيز الهيكل الثلاثي في آن واحد، الذي يعتبر غاية في حد ذاته ووسيلة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الثلاثة الأخرى لمنظمة العمل الدولية  2-تعزيز وتحقيق المبادئ والحقوق الأساسية في العمل .3-توفير المزيد من فرص العمل التي تضمن للمرأة والرجل دخلاً وعملاً لائقين .4-تعزيز تغطية الحماية الاجتماعية وفعاليتها للجميع ويدل هذا الاستعراض وما تقدم من بحوث ودروس وأمثلة على الاعتراف المتزايد بأهمية الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية في برامج العمل القطرية للعمل اللائق، ويبرهن أيضاً على أن الحوار الاجتماعي والهيكل الثلاثي يحرز تقدماً في بلدان عديدة من خلال إضفاء السمة المؤسسية على مشاركة الهيئات المكونة في مراحل التشاور بشأن البرامج القطرية للعمل اللائق وتنفيذها . ولابد من أخذ الملاحظات، والدروس والسيل المبينة أدناه والممكنة حسب تقديرنا للمضي قدما وهي :
1- حيث يعتبر الحوار الاجتماعي والمفاوضة  النهج المفضل للإدارة السديدة لتحقيق العمل اللائق للجميع . يجب العمل على تشكيل الهيكل الثلاثي للحوار من خلال أركان العمل – حكومات – أصحاب العمل – العمال وهي تركيبة وتكوين مؤتمر منظمة العمل الدولية وللتأسيس على ذلك يعني إيجاد أرضية لابد منها  من أجل النجاح في وضع سياسات العمل المؤدية إلى النجاح .
2- كما تتوقف فعالية إجراءات منظمة العمل الدولية على الاستجابة والالتزام الوطني والاستدامة . حيث يتطلب تعزيز الحوار الاجتماعي والعلاقات الصناعية السليمة وبناء المؤسسات اللازمة بذل الجهود الحثيثة بدلاً من المبادرات التخصصية، كما يجب على مكتب العمل الدولي أن يستمر في تقديم إسهامات عالية الجودة وفي الوقت المناسب لتقوية هذه المؤسسات وتعزيز ممارسات تستجيب للسياق الوطني والإقليمي وتتواءم وتتلاءم معه وتكون في الوقت ذاته متماشية مع معايير العمل الدولية ذات الصلة، والاستجابة السريعة للطلبات المتعلقة بالمساعدة . كما هو الحال في سياق ما يجري  من تغيرات متسارعة وكبيرة في بيئة العمل العربي وما تتعرض له من عواصف واضطرابات منشؤها تدخلات خارجية لا تريد خيراً  لهذه البلدان العربية حيث لا يوجد عمل وعطاء إلا في أجواء الأمن والأمان، وكما يحصل كذلك من تدابير تقشف في أوروبا، مسألة حاسمة الأهمية للإفادة من فرص الحوار الاجتماعي والدفاع عنها عندما تكون عرضة  للتهديد ويشكل الالتزام القوي من جانب الحكومة شرطاً لازماً لتحقيق تقدم مضطرد بشأن الحوار الاجتماعي على الصعيد القطري، ويعتبر إشراك منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال وتعزيزها من المكونات الرئيسية للاستدامة.
3- وإرساء الهيكل الثلاثي على الثقة: حيث بإمكان الحوار الاجتماعي الثلاثي أن يساعد على الاتساق بين مؤسسات الحوار الاجتماعي الثنائية والثلاثية، ونظراً للزخم الجاري نحو لا مركزية المفاوضة الجماعية على مستوى المنشأة في بعض البلدان وفي بيئة تتسم بزيادة تجزؤ سوق العمل . فإن بإمكان الحوار الاجتماعي الثلاثي ان يوفر حيزاُ للشركاء الاجتماعيين لتبادل المعلومات وتصميم الإستراتيجيات وتنسيق الإجراءات فيما بينهم، وكان من شأن إشراك منظمات أصحاب العمل ومنظما ت العمال  في عمليات ثلاثية بشأن قضايا يمكن أن تشاطر قيماً مشتركة، من قبل عدم التمييز، وفيروس نقص المناعة البشرية، والتوفيق بين العمل والأسرة، والإعاقة، أن ساعد على تحسين الثقة بين الشركاء الاجتماعيين وعلاقتهم مع الحكومات، وتمهيد الطريق أمام الحوار الاجتماعي في مجالات أخرى.
4- وأن يكون الحوار الاجتماعي شاملاً: حيث يتعين على الجهات الفاعلة أن تجعل من الحوار الاجتماعي حواراً شاملاً بحيث يشمل من هم في العمالة غير العادية، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والاقتصاد الريفي والعمال المهاجرين وغيرهم ممن ينتمي إلى الفئات المستضعفة وغير المنظمة وقد يستلزم ذلك بناء قدرات الشركاء الاجتماعيين على شتى المستويات لتمكينهم من تنظيم مختلف الهيئات المكونة المحتملة التابعة لهم، ويمكن لهذا التواصل وهذا التنظيم أن يشكلا الخطوة الأولى صوب توسيع نطاق الحوار الاجتماعي والتفاوض وستستلزم مسألة إقامة  حوار اجتماعي أكثر شمولاً وفي بعض الحالات إدخال تعديلات قانونية أو تغييرات ابتكاريه مؤسسية لسد الثغرات في مجالات الحماية في تشريعات العمل أو معايير العمل الدولية وعلى غرار ذلك يتعين على إدارة العمل وتفتيش العمل أن تضطلع بدور محوري في إدراج الاقتصاد غير المنظم والعمال المستضعفين تدريجياً في نطاق الحماية بموجب قانون العمل.



أحمد حباب
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال
أمين العلاقات العربية والدولية


مشاركة :
طباعة