الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

على سليمان... عامل سوري "كريم بدمه"

2019-06-23 05:59:10

الحياة جميلة وأجمل ما فيها سر العطاء المتمثل بالطبيعة التي تمنح دون مقابل وثانياً عطاء الإنسان المنطلق من مخزونه الأخلاقي والقيمي والإنساني ، وإذا ما توقفنا عند عطاءات هذا الإنسان نجدها تتنوع وتتعدد وفق إمكانياته ومقدرته وواقعه وما يملك من ميزات تكرس صدق هذا العطاء ، ولكن يبقى العطاء الأسمى والأكبر هو أن يمنح الإنسان دمه لأخيه الإنسان عندما تتطلب الحاجة انطلاقاً من روح المبادرة الأخوية والضمير الحي ، ونحن اليوم أمام حالة مثلى من هذا العطاء جسدها منذ عشرات السنين العامل علي سليمان من العاملين في فرع الشركة العامة للطرق والجسور ومن مواليد 1960 - وادي العيون .
وبكل المحبة والتقدير للأخ العامل علي كان للاشتراكي هذا اللقاء معه في منزله ليحدثنا التالي :
كانت البداية عام 1979 عندما تبرعت بدمي من أجل تقديم أوراق الوظيفة للعمل في الإنشاءات العسكرية وحينها لم تكن الصورة واضحة في المجتمع أمام الجميع بخصوص أهمية التبرع بالدم لعدم وجود هذه الثقافة ، وكان الكثير من الناس يحاولون الحصول على الإعفاء من التبرع بالدم خوفاً من آثاره السلبية ولكن بالنسبة لي بعد أن قمت بالتبرع وجدته أمراً طبيعياً مما شجعني فيما بعد بأن أثابر في هذا الطريق حتى وصلت إلى 25 مرة خلال ثلاث سنوات ضمن مدينة حمص ومن ثم انتقلت إلى المحافظات الأخرى كدمشق ودرعا والسويداء واللاذقية وطرطوس حتى وصلت في عدد مرات التبرع عام 1982 إلى 14 مرة وخلال الأزمة تبرعت عام 2014 ب 22 مرة وفي حينها قال لي أحد الأطباء أنه يجب أن أخضع جسمي إلى دراسات طبية منعاً لانعكاس ذلك سلباً على صحتي ضمن توجيهات منظمة الصحة العالمية التي حددت عدد مرات التبرع للجسم السليم في العام الواحد من 3- 4 وهذا ذكرني ما حدث لي في عام 2006 عندما اتهمت بالفصادة من قبل بنك الدم بدمشق حيث قمت بناء على طلبهم بإجراء التحاليل الكاملة التي حددتها لي وزارة الصحة آنذاك وقد تبين أن نتائج كل التحاليل سليمة .
اليوم العالمي للتبرع بالدم :
يحتفل العالم في الرابع عشر من حزيران كل عام باليوم العالمي للتبرع بالدم لتعميق هذه الثقافة وتقديم الشكر للمتبرعين بدمائهم بشكل طوعي دون أي مقابل مادي إنقاذاً لأرواح الملايين من البشر المحتاجين لهذا الدم ، وفي العام 2006 احتفلت سورية لأول مرة بهذا اليوم وتم تكريمي في حينها كمتبرع أول على مستوى القطر وكان لدي آنذاك 150 تبرع كما تم تكريمي الأول عام 2016 على مستوى سورية بمشاركة 6 متبرعين .
لم أبحث عن المنفعة المادية :
منذ أن بدأ مشواري كمتبرع بالدم بشكل طوعي لإنقاذ حياة الآخرين لم أبحث عن أي فائدة مادية أو مكافأة لأنني اقوم بواجبي الإنساني والأخلاقي وكنت أشعر عند التبرع في كل مرة بالسعادة والسرور عندما أرى إنساناً ساعدته بمنحي دمي له وامتزج دمي بدمه وخاصة إذا كان دم الشهيد أو الجريح لأنني أكون قد شاركتهم في نبل تضحياتهم وصدق وطنيتهم وهذا ما جعلني أستمر بالتبرع في كل محافظات القطر دعماً لأبطال جيشنا العربي السوري وإنقاذ جرحانا الشهداء الأحياء علماً أنني أشعر أن ما أقوم به لا يرتقي إلى جزء بسيط من مستوى تضحياتهم وصمودهم وهنا لابد وأن أسجل كلمة حق أن الشعب السوري معطاء وخيّر وأخلاقي ولا يبخل بالدماء وتقديم قرابين الشهداء على مذبح الوطن صوناً لقدسية ترابه وعزته وكرامته .
مستمر بالتبرع ويسجل الأول في بداية كل عام :
لقد تعودت وبكل تواضع أن أكون حاضراً على باب بنك الدم في محافظة حمص في الساعة 12 ليلاً بداية كل عام لأنال شرف أول المتبرعين لثقتي الكاملة أن هذا العمل مبارك من الله كما أنه واجب إنساني ووطني وأخلاقي بالرغم من أن جسمي قد تعرض لثلاث حوادث سير ويوجد فيه 22 كسر وأجريت لي 15 عملية وحالياً في ظهري 12 برغي ولا زال إيماني الكلي أن الله أنقذني بلطفه ورعايته وبفضل دعاء الناس الذين أساعدهم وبالرغم من كل وضعي الصحي لا زلت مستمراً بعملي الإنساني هذا حيث تبرعت حتى الآن ب 150 كغ من الدم ووصلت بعدد مرات التبرع إلى 300 مرة وزمرة دمي +A وكنت قد شاركت مع العديد من فرق حملات التبرع بالدم وخاصة خلال سنوات الأزمة وذلك بالتعاون مع مركز نقل الدم بحمص والمشفى الأهلي التخصصي .
أمل مشروع :
من الآمال والطموح المشروع الذي يتمنى علي تحقيقه هو تسجيل اسمه في مجموعة غينيس للأرقام القياسية بعيداً عن المكاسب المادية وهدفه الأول هو أن يرفع بكل فخر اسم بلاده سورية على مستوى العالم ويعتقد أن هذا هو أمل كل مواطن سوري شريف يمتلك من المواهب والقدرات الاستثنائية العالية .
كلمة أخيرة :
ختم علي حديثه بأن الله يمنح الإنسان طاقات وقدرات وميزات متعددة ويجب عليه ألا يبخل بتقديم ما يطلب منها بشكل طوعي إنقاذاً لأخيه الإنسان تكريساً واقتداءاً بشهدائنا الأبرار وتضحياتهم الجليلة وبطولات وصمود جرحانا وأبطال جيشنا العربي السوري الصامد صانع النصر والانتصار... وسورية منتصرة بثالوثها المقدس شعب وجيش وقائد .
الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى وعهداً على متابعة خطاهم وتكريس نبلهم وقيمهم وصدق وطنيتهم.....

رياض سلامة.

المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة