الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

التكافل الاجتماعي.. مواجهة ندية لظروف الحياة.. والتفاف إيجابي على خطوط الفقر

2019-02-26 07:17:05

ما أحوجنا في هذه الأيام إلى التكافل والتعاضد لمواجهة صعوبات الحياة وقتال الفقر الذي يتعاظم حضوره في المجتمع وللأسف تتكرر الأمثلة التي نشاهدها يوميا أو القصص التي نسمع عنها في المجتمع لحالات كثيرة تراجعت فيها النواحي الإنسانية وغاب التكافل الاجتماعي عن صورها ومن إحدى تلك القصص قصة نورا السيدة الثلاثينية التي تواجدت ذات يوم في أحد أسواق دمشق وأثناء تواجدها تعرضت المنطقة لقذيفة هاون سببت حالة رعب وخوف عند المتواجدين في السوق، تقول نورا: كنا نركض خائفين ومذعورين وقصدت إحدى المحلات القريبة مع اثنين من الأشخاص الذين صادف تواجدهم أيضا للاختباء خشية قذيفة أخرى وكم كانت المفاجأة حين أوصد صاحب المحل دكانه أمامنا وقال لنا "دبروا حالكم!"، أما إيناس الطالبة الجامعية فتبدو مستاءة هي الأخرى من الحالة السلبية التي يظهرها البعض حين تكون واقفة في الباص مثلا دون أن يحاول أحد الشباب منحها كرسيا للجلوس أو حين تقف في الشمس فترة طويلة دون أن يساعدها جسدها أو طبيعتها كفتاة في التدافع مع الأشخاص الذين ينتظرون وسائل النقل أيضا، قصة أخرى حدثت مع أبو حسام الرجل الأربعيني الذي ترك منزله المُستأجر في أكثر ليالي الشتاء الماضي بردا دون أي رحمة أو شفقة من قبل المالك ودون أي تقدير لوضعه ووجود أطفال لديه في المدارس ويكمل أبو حسام عن أي تكافل اجتماعي يمكننا الحديث في ظل ضعف العلاقات بين الأهل والأقارب.

في الجانب الآخر

في المقابل ربما لا تكون الصورة مظلمة تماما فهناك حالات كثيرة تجلت فيها الرحمة والإنسانية وظهر خلالها سلوك يمثل ما نحتاجه فعلاً في أوقات الحرب وهناك صور وقصص إيجابية من الجانب الآخر يتحدث عنها البعض، فيتحدث علي الشاب الثلاثيني عن قصة حدثت معه منذ سنة مضت حين توقف له شخص لا يعرفه وأقله في سيارته بعد أن شاهده مقطوعا في الطريق في وقت كان يشهد أزمة مرور وقلة في وسائل المواصلات، وقال كم كنت ممتنا لذلك الرجل وسلوكه النبيل، وتتحدث فرح الشابة العشرينية عن انتسابها لجمعية عمل تطوعي قدمت من خلال العمل فيها المساعدة للكثير من الأشخاص سواء من الناحية المادية المتمثلة بوجبات الطعام للفقراء والمحتاجين أو الزيارات لأماكن كثيرة والدعم المعنوي لجرحى الجيش ومصابيه ولأسر الشهداء والعائلات الفقيرة والمحتاجة، وتختم فرح: يجب أن نعمل دائما على زرع بذور المحبة فالحرب وإن كانت قد أخرجت أسوأ ما في نفوسنا وغيبت التكافل الاجتماعي عن الكثيرين منا لكنها أيضا أظهرت الخير الموجود عند البعض والذي يجب أن يكون نموذجا للمتبقين منا وتختم الفتاة بالقول: "إن خليت خربت".  

 

اختبار فعلي 

يؤكد الدكتور منير محمود المتخصص في علم نفس الاجتماع أن الكوارث والحروب تمثل في الحقيقة فترات اختبار فعلية لسلوك الإنسان وتجسد السلوك الحقيقي له، ومن المتوقع في الحروب أن تظهر الكثير من القصص والنماذج التي ترسخ الفردية والأنانية وتغييب مظاهر التكافل الاجتماعي فالسلوك المدني الإنساني انعكاس لبعدين أساسيين هما التربية الاجتماعية والحالة الثقافية وللأسف فلم يكن مجتمعنا متفوقا في هذه الأبعاد الأساسية، فلا يمكن أن يتجسد نظام التكافل إلا بالتحرر أو التقييد بكليهما فالتحرر خلال الأزمة من صلب القيم الاجتماعية والتحرر هو من أساسيات المجتمع الفاضل، وهنا المشكلة الكبرى لأن السلوك انعكاس للخلفية الثقافية الإيديولوجية للشخص وللثقافة بشكل عام وهشاشة هذه الثقافة هي انعكاس للتربية والتعليم.

 

الفكر التطوعي

حالات عديدة أظهرت وأبرزت وعيا جماعيا تمثل بنضج الفكر الاجتماعي عند بعض الفئات الاجتماعية وتمثلت بظهور الفكر التطوعي التكافلي لدى شرائح الشباب خاصة وهذا الأمر كان ملفتا ودل على نضج حقيقي ينم عن وعي وتفاعل اجتماعي نحن بحاجة إليه، وفي المرحلة التي تلي الحرب من المهم جدا إعادة النظر بموضوع تمويل الجمعيات ولاسيما الشبابية وتفعيل نظام البطالة والتقدم الاجتماعي للمحافظة على رأس المال الاجتماعي بمعنى أن نقدم معونات حقيقية للمحتاجين وهذه المعونات ليست مادية فقط إنما تأمين فرص عمل للفرد عبر بوابات حقيقية وفعلية للعاطلين عن العمل تسهم بخفض العبء عن الجمعيات فالدعم المادي حين نبحث عن تعزيز التكافل الاجتماعي يكون مع دعم شامل من كل النواحي الأخرى النفسية أو الاجتماعية وهو يعتمد نظام ما بعد الصدمة للحروب أو الكوارث.

هلا نصر

المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة