الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

صناعة الألبسة الجاهزة بين مشاكل الداخل وهجرة الصناعيين للخارج... وورش صغيرة تحافظ على وتيرة الإنتاج

2019-02-04 11:06:26

بعد أن دمرت الحرب معمله عقد سامر العزم على إعادة الحياة لصناعة أصبحت جزءاً منه، وبالرغم من أنه تحول من صناعي كان يملك معمل لصناعة الألبسة الجاهزة إلى صاحب ورشة محدودة الإنتاج لكنه كان مصراً على الاستمرار بالإنتاج، غير مدرك لما ينتظره وأن الواقع قد يكون أشد قسوة من عزمه وإصراره.

ويقول سامر: صدمت بالواقع والصعوبات التي قد تواجه أي صناعي يقرر العودة إلى الإنتاج والبدء من الصفر، فالمواد الأولية اللازمة للصناعة مرتفعة الثمن كثيراً، يضاف إلى ذلك مشكلات الطاقة من كهرباء وغلاء أسعار المحروقات.

وسامر ليس وحده من واجه هذه الصعوبات بل كان هناك العديد من الصناعيين الذين دُمرت معاملهم وسرقت وتحولوا من العمل في المعامل إلى العمل في ورش صغيرة وكل ذلك للحفاظ على وتيرة الإنتاج.

 

صعوبات بالجملة... والقطاع العام يعمل بشركة واحدة

وأكد صالح منصور رئيس نقابة عمال الغزل والنسيج في دمشق صحة كل ما ذكر سابقاً موضحاً أن هذه الصناعة عانت بشكل كبير من الأحداث التي تعرضت لها البلاد حيث خرجت العديد من المعامل عن الخدمة  بسبب تواجدها في مناطق غير آمنة وتدمير بعضها بشكل كامل، بينما انتقل بعضها إلى مناطق آمنة كورش صغير للاستمرار بالعمل.

وقال منصور: إن أبرز الصعوبات التي تواجه صناعة الألبسة الجاهزة والتي لم تعد خافية على أحد تتمثل بنقص الكهرباء ونقص الخبراء والفنيين في هذا المجال وهي الصعوبة الأكبر لاسيما في القطاع العام، وصعوبة تأمين قطع التبديل، والمنافسة من الألبسة المستوردة " المهربة" والبالة.

وأضاف منصور بالنسبة للقطاع العام يوجد شركة واحدة فقط متخصصة في صناعة الألبسة الجاهزة الشركة السورية للألبسة الجاهزة "وسيم" والتي تؤمن اللباس العمالي لكافة العاملين في الدولة إضافة لإحداث خطوط للباس المدني والعسكري.

 

هجرة الصناعيين

لطالما كان الحديث خلال سنوات الأزمة عن الأضرار المادية والصعوبات والمشاكل التي تواجه قطاع الصناعة بشركاته ومعامله لكن ما واجه صناعة الألبسة الجاهزة هو أخطر وأشد ضرراً،  فهجرة الصناعيين إلى مصر والأردن وتركيا ولبنان، وحتى إلى أوروبا، وحرمان البلد من إنتاجهم أثر بشكل مباشر على هذه الصناعة وأدى لتراجع إنتاجها خاصة أن هذه الدول قدمت عروضاً مغرية لهؤلاء الحرفيين والفنيين المعروفين بمهاراتهم وإبداعهم في مجال صناعة الألبسة الجاهزة حيث افتتحوا أعمالاً هناك، وباتت مصانعهم من أهم المنشآت في البلدان التي لجؤوا إليها.

 

60% مخالفات الألبسة في الأسواق

صناعة الألبسة السورية التي اشتهرت بجودتها وتنوعها لم تعد كما كانت عليه في السابق، فالمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج قليلة، ومعامل النسيج والخيوط دُمرت، وزراعة القطن تراجعت، وبات المصنع السوري يعتمد بشكل أساسي على صنفين للإنتاج لم يعد متوفراً أمامه سواهما وهما القطن والجينز، وهذا انعكس بدوره على جودة الألبسة الجاهزة التي عرفت بعراقتها وتنوعها على مر العصور، حيث كشف أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة أن نسبة مخالفات الألبسة في الأسواق تجاوزت 60%، مبيناً أن عدد الشكاوى الواردة إلى الجمعية في هذا الخصوص بلغ ما يقارب 30 شكوى في منطقتي باب توما وجرمانا فقط، وتتعلق بسوء التصنيع، سواء من حيث نوعية الخيوط المستخدمة أم الصباغ غير الثابت وعدم المطابقة للمواصفات، فضلاً عن الأسعار المرتفعة، وهنا يقول منصورة:  إن صناعة الألبسة الجاهزة السورية لطالما عرفت بجودتها العالية، وكانت تصدر إلى دول أوربا وأمريكا وتلقى قبولاً كبيراً عند المستهلكين في هذه الدول وكل ذلك يعود للجودة التي كانت تتسم بها وسمعتها الجيدة، وفي حال كان هناك فعلاً انخفاض في جودتها فهو ناتج ربما عن تراجع جودة الخيط القطني بسبب نقص العمالة وغياب الفرز الجيد بالنسبة للمحاصيل ولكن يمكن تلافي الأسباب بالقليل من التعاون بين الصناعيين والحكومة.

 

الألبسة للعرض على الواجهات فقط!

ولأن الصناعة النسيجية مرتبطة بشكل مباشر بصناعة الألبسة الجاهزة فأن الواقع الذي تعيشه صناعة النسيج انعكس على صناعة الألبسة الجاهزة لناحية جودتها أولاً وارتفاع أسعارها بشكل جنوني حيث أصبحت الألبسة للعرض على واجهات المحلات فقط، وفي هذا الخصوص قال أسامة زيود رئيس لجنة الصناعات النسيجية في غرفة صناعة دمشق وريفها : إن السبب في ارتفاع أسعار المنتجات السورية لدرجة أنها تكون أعلى من المنتجات المستوردة فهذا يعود لسببين أولهما أن البضاعة التي تدخل بشهادات المنشأ أو أوزان ونوعيات مزورة دون استيفاء الضرائب المستحقة كالبضائع التركية الممنوعة الاستيراد أصلاً، والبضائع المهربة والتلاعب بالمسميات مرة تحت اسم استيراد من باكستان أو الصين أو مصر ومرة أخرى تحت مسمى الترانزيت، وتمديد تخفيض القيمة الاسترشادية للأقمشة حتى بعد عودة المعامل وغالباً هذه البضائع تكون ستوكات الأقمشة وتباع بسعر منخفض جداً، أما السبب الآخر فهو نتيجة ارتفاع أسعار الخيوط القطنية لأكثر من مرة وتجاوز أسعارها الخيوط العالمية فسعر الخيط الهندي مثلاً أدنى من سعر الخيط الوطني، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وتأثيرها المباشر على ارتفاع تكاليف الإنتاج، وكل ذلك سيحمل تأثيره المباشر على صناعة الألبسة الجاهزة وارتفاع أسعارها.

 

ورش صغيرة تحافظ على وتيرة الإنتاج

بالرغم من كل ما ذكر وما حملته الأزمة من صعوبات وعراقيل لكن الصناعيين استطاعوا التأقلم والتعامل معها بمرونة منقطعة النظير، فالورش الصغيرة المنتشرة في مختلف المناطق والتي يعمل فيها بأحسن الأحوال خمسة عمال، تحافظ على وتيرة الإنتاج، وبحسب رئيس لجنة الألبسة في غرفة صناعة حلب، الصناعي منير ملحيس، فأن عدد المنشآت وبسبب الحرب انخفض من عشرات الآلاف إلى نحو 500 منشأة كون الإرهاب استهدف المناطق الصناعية الكبرى ما اضطر الصناعيين إلى فتح ورشات صغيرة بدلاً عن المعامل الضخمة ذات الإمكانات والطاقات الإنتاجية العالية وأدى إلى انخفاض إنتاج القطع المصنعة من 600 قطعة إلى 200 قطعة أسبوعياً، كما أن 80 بالمئة من الأقمشة أصبح مستورداً الأمر الذي رفع أسعار المنتجات إضافة إلى عدم توافر الطاقة الكهربائية واستخدام الأمبيرات باهظة الثمن بدلا عنها ورفع أجور العاملين بسبب غلاء المعيشة، لافتاً إلى أن عدد المنشآت التي عادت للدوران والإنتاج من جديد بدأ بالارتفاع بعد عودة الأمن والاستقرار لحلب.

 

المشاركة في المعارض منفذ جيد لمصنعي الألبسة

بدوره قدم منصور اقتراحات عدة للنهوض بهذه الصناعة كمنع استيراد الألبسة التي تشكل منافس للصناعة المحلية، وتأمين المواد الأولية وتخفيض أسعار الطاقة وتأمينها، إضافة إلى ضرورة المشاركة في المعارض التي باتت منفذاً جيداً لمصنعي الألبسة في إيجاد أسواق خارجية لمنتجاتهم، والتواصل مع التجار العرب والأجانب الراغبين بالبضاعة المحلية حيث أصبحت المنتجات السورية مطلوبة في أغلب الدول العربية والعالمية.

وأكد منصور على أهمية تقديم الدعم الفني لمساعدة هذه الصناعة على تجاوز آثار الأزمة وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، واستدراك ما فاتها ومعالجة المشاكل الأساسية التي كانت تعاني منها وتعزيز قدرتها التنافسية.

هبا نصر


مشاركة :
طباعة