الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

انقطاع حليب "الرضع" سيناريو مكرر وتقاذف الاتهامات دون جدوى

2019-01-28 12:19:27

على الرغم من أننا وصلنا إلى المرحلة الأخيرة من عمر الأزمة التي لم تترك قطاعاً إلا وأرخت ظلالها القاسية عليه، إلّا أن الواقع يكشف أننا دخلنا في أزمة أخرى لا أحد يعرف حيثياتها وما يجري خلف الكواليس من احتيال ونصب وتهريب وفقدان للكثير من المواد الأساسية في حياة المواطنين، وبعيداً عن فقدان الكهرباء والمازوت والغاز من السوق، حيث أن هذه المواد استطاع الشارع السوري التغاضي عنها مقارنة بفقدان حليب الأطفال الرضع "دون السنة"، والتي عادت للظهور مرة أخرى تحت أسباب مختلفة أبرزها احتكار الشركات المستوردة للمادة، واقتصار توزيعها بشكل مقنن جداً على الصيدليات العاملة في دمشق بحيث تكون الحصة الأسبوعية لكل صيدلية علبتين فقط.

استغلال وطمع

وفي ظل أزمة نقص مادة الحليب احتل بعض الصيادلة مقعد التجار واستغلوا نقص هذه المادة ليقوموا بتخبئة كميات منها وبيعها بأسعار مضاعفة وسط غياب أي خطوات جادّة من المعنيين لإيجاد حلول ناجعة للتغلب على الأزمة، حيث ارتفع سعر العبوة الواحدة التي تعطى للأطفال الرُضع ممن هم دون عمر الـ6 أشهر ليصل سعرها إلى حوالي8 آلاف ليرة سورية بعد أن كان سعر عبوة حليب أطفال من نوع (نان) 2700 ليرة سورية، و(كيكوز) 2200 ليرة، وهما من بين أكثر أنواع حليب الرُضع استهلاكاً، في حين كان سعر (مامي لاك) 1700 ليرة، و(ألبين) 2775 ليرة، و(بيبي لاك) 2100 ليرة، و(بايوميل) 2475 ليرة، و(نيسرو بيبي) 2330 ليرة، ليجد الأهالي أنفسهم أمام إيجاد وسائل أخرى تحل محل الحليب المجفف من خلال الاستعانة ببعض الأغذية المتممة، أو خلط الماء مع الحليب البقري بعد غليه وتبريده، لأن نسبة الدسم فيه مرتفعة ولا تناسب الأطفال حديثي الولادة، فضلاً عن مغليات الأعشاب، ومغلي الرز المطحون، والنشاء، والراحة المذابة، وهذه الأمور تسبب حالات تسمم والتهاب بالأمعاء، وإسهال وحالات الجفاف، لكن كانت هذه الطريقة الوحيدة أمام الأهالي لسد نقص الحليب عن أطفالهم، في المقابل وجدت شريحة أخرى الحل في الاعتماد على التهريب عبر الحدود اللبنانية وتحمّل أسعارا باهظة للحصول على مادة الحليب لأطفالهم، بدلاً من حسرة العجز التي تنتابهم عند دخولهم كل مرة إلى الصيدلية للسؤال عن المادة المفقودة وتأتي الإجابة بالنفي، وبالرغم من أن أسعار عبوات الحليب التي يتم تأمينها عبر الحدود مضاعفة أحياناً اضطرت الأهالي للاستدانة أو ممارسة سياسة التقشف المنزلي عليهم في المأكل كي يستطيعوا تأمين الحليب للأطفال تحت ذريعة أن لا ذنب لهؤلاء الأطفال الذين خلقوا في ظل الأزمة التي على ما يبدو لن تنتهي قريباً.

توفر الحليب

بعد ن انقطاع مادة الحليب للأطفال الرضع وصلت شحنات من حليب الأطفال إلى سورية ووزعت على المستودعات في مختلف المحافظات بعد تحليل عينات منها والتأكد من سلامتها لتعود وتتوفر هذه المادة في الصيدليات، حيث أكد معاون وزير الصحة الدكتور حبيب عبود أن الشحنات تضم 27200 صندوق من حليب نستله /نان1/ و/نان2/  وتكفي لثلاثة أشهر فضلاً عن منتجات أخرى مثل نينولاك مؤكداً أن 9 شركات أخرى ستطرح أنواعاً من حليب الأطفال خلال الأيام العشرة القادمة، وعن إمكانية البحث عن بدائل محلية الصنع لتلافي انقطاع هذه المادة الأساسية للأطفال كل فترة أكد عبود عن طروحات لحلول دائمة للمشكلة أهمها توطين صناعة المادة في سورية مع وجود ثلاثة طلبات ترخيص لدى وزارة الصحة التي ستقدم كل التسهيلات لتسريع الإجراءات والبدء بالإنتاج الفعلي، وبيّن معاون وزير الصحة أن هناك شركات عالمية جديدة سجلت منتجاتها خلال عام 2018 في سورية كما أن هناك طلبا لشركة نستله لتسجيل عدة فروع في سورية وفي حال تعثر التوريد من أحد المصادر ستكون هناك مصادر أخرى مشيراً إلى أن عقوبات مسلكية ستتخذ بحق أي مستودع أو صيدلاني يحتكر حليب الأطفال أو يرتكب مخالفة سعرية داعيا الصيادلة لتحقيق العدالة في بيع المادة والمواطنين لأخذ حاجتهم بعيدا عن التخزين لفترات طويلة.

المهم أن مادة حليب الأطفال بدأت تتوفر بشكل جيد في الأسواق تزامناً مع تطمينات أطلقتها وزارة الصحة ونقابة الصيادلة بوصول دفعات جديدة منها رغم الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية منهية بذلك حالة قلق أرهقت بعض الأسر خلال الأسابيع الماضية.

المشكلة كما وصفها بعض الصيادلة كانت انقطاع بعض أصناف حليب الأطفال الطبي مع توفر بدائل أخرى وظهرت بوضوح بين شهري كانون الأول والثاني لتبدأ بالتراجع حيث تتوفر المادة اليوم بكل أصنافها وبالتسعيرة القديمة.

وقد أكد الصيدلاني بسام النونو من لجنة شؤون الصيدليات بنقابة صيادلة دمشق في تصريحات صحفية أن حليب الأطفال متوفر حاليا بجميع الصيدليات ومراكز التوزيع والمستودعات وبكميات تكفي حاجة المستهلكين مبينا أن ما حدث في السابق ليس انقطاعا كاملا بل غياب لبعض الأنواع.

يبقى السؤال هل ستبادر الجهات المعنية إلى إيجاد حلول مستدامة تقينا من تكرار أزمة انقطاع الحليب؟ سؤال ينتظر الإجابة.

ميس بركات


مشاركة :
طباعة