الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

الباص الأخضر والفساد؟!

2019-01-28 12:13:12

التدقيق في المعاني والدلالات الموجودة في فكرة (الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة) يكشف واقعية ما تمثله وتجسده حقيقة الانتقال من حالة الفساد إلى مرحلة الإفساد بشواهدها الكثيرة الدالة على أن كل العمليات السابقة لرفع بصمات الفساد عن المجتمع بكافة مؤسساته كانت بمثابة (ذر الرماد في العيون) كما يقال وكانت مجرد كلام عائم على وجه آلاف الملفات التي تسجل جميعها في ذمة المجهول فلا متابعة أو ملاحقة حقيقية للفاسدين وعلى ما يبدو فإن بودرة كشف البصمات المستخدمة منتهية الصلاحية أو بالأحرى غير موجودة وهذا ما يمكن اعتباره في العلم الجنائي محاولة للتضليل وإخفاء الأدلة وتشتيت البوصلة الرقابية وإلهاء الرأي العام بالنظريات القانونية غير القابلة للتطبيق.

وما يدعو للأسف والخيبة أنه رغم كثرة الارتكابات والمخالفات التي تدين بشبهة الفساد الكثير من الشخصيات الاعتبارية في المؤسسات التي يدينها الواقع المعيشي اليوم بكل وضوح ويضعها في قفص التجريم الموثق والأكيد أو في قفص الاتهام الظني.. إلا أن نهايتها تبقى معلقة إلى أجل غير مسمى تحت عنوان تحقيقات سرية تستوجب الحيطة والحذر وعدم الإفصاح عن مجرياتها حرصاً على سلامة التحقيق ونزاهته واتقاءً لشر التدخل من قبل أصحاب النفوذ الذين ينطبق عليهم ذلك المثل القائل (في كل عرس لهم قرص).

 ولاشك أن هذه الحالات التي تشغل الشارع ليست بالجديدة فهناك العديد من الملفات السابقة أو الحالية التي تحاكي حقيقة فساد من يمتلك مفاتيح القرارات ولن ندخل هنا في التفاصيل ولكننا نجد أنه من الضروري طرح تلك التساؤلات البسيطة الحاضرة في أذهان الناس.. لماذا يتم فتح الملفات بعد مغادرة هذا المسؤول أو ذاك لمنصبه سواء كان ذلك نتيجة لقرارات التغيير أو لهروبه خارج الحدود؟ ولماذا تترك نهايات هذه الملفات مفتوحة أمام سيل من الاحتمالات الجامعة ما بين معاني الأبدي والأزلي والسرمدي؟ ولماذا لم نشهد حالة محاسبة واحدة من قبل السلطة القضائية أو التنفيذية أو حتى التشريعية؟ ولماذا لم نر الباصات الخضراء أمام الوزارات والمؤسسات وكافة المواقع التي يستنزفها الفساد؟.

وطبعاً عدم الإجابة على هذه التساؤلات يعزز من فرضية وجود شبكات حماية كبيرة تدير هذه الأعمال وفق أجندة غير وطنية هدفها زعزعة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة وتحقيق عوائد بالمليارات لصالح أرصدتها البنكية والشيء الواضح قبل الأزمة وخلالها.. أن التشابك في المصالح عطل خلال السنوات الماضية إجراءات مكافحة واستئصال جذور الفساد من المؤسسات العامة حيث لا يزال حاضراً بقوة في حياة المواطن الذي شكلت الباصات الخضراء رمزاً من رموز انتصاراته على الإرهاب ويتطلع اليوم لتكون برمزيتها الشعبية جزءاً من منظومة الإصلاح ومكافحة الفاسدين وترحيلهم إلى منصات المحاسبة بأسرع وقت ممكن.

بشير فرزان


مشاركة :
طباعة