الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

الفجوة ما بين التعليم والتطبيق

2019-01-28 12:10:34

صفة الإعلامي حلم يراود الكثير من الشباب ودافع لدخولهم كلية الإعلام والالتحاق بإحدى مجالات "مهنة المتاعب" المصنفة كثاني أخطر مهنة في العالم، فهل لدينا سوق واعدة للعمل في هذا الاختصاص تستوعب جميع الخريجين والراغبين في خوض غمار التجربة الإعلامية (مطبوع، مرئي مسموع، الكتروني.. الخ).

مضر الجندي بحث بعد تخرجه ووجد لنفسه فرصة عمل في قناة فضائية لم يستمر بها طويلاً ليلتحق بعد ذلك بالعمل في مجلات ومواقع الكترونية لمدة عامين كسب خلالها بعض الخبرات لكن مقابل أجر مادي قليل لا يناسب حجم وطبيعة العمل في هذه المهنة ولا تعطي نتائج دراسته وجهده خلال سنوات أربع أمضاها في الدراسة، لينتهي الحال به في مهنة بعيدة بعض الشيء عن تخصصه العلمي.

حنان خريجة العام الماضي كانت نوعاً ما في حال، حيث أمنت فرصة عمل في مجلة  اقتصادية عن طريق زوجها المراسل الصحفي في المجلة لتجد الاختلاف كبير بين ما تعلمته نظرياً في الكلية وبين الواقع العملي.

نزار الرفيع مدير تحرير في إحدى القنوات الفضائية تحدث عن كفاءة التوظيف والبيئة موضحاً بأن الإعلامي الأكاديمي حكماً أكثر ديناميكية لأنه أكثر معرفة بخصوصية العمل الإعلامي وخصوصاً في مجال الإعداد والتحرير لذلك يجب على الخريج  أن يركز على التدريب المكثف قبل العمل والمحاولة فيما بعد للتأقلم ضمن المؤسسة، مبيناً بأن القناة التي يعمل فيها تركز على اختيار كادرها وفقاً للسيرة الذاتية التي تضمن الشهادة والدورات التدريبة التي اتبعها طالب العمل.

في حين لفتت مقدمة البرامج والمدربة منار مراد عن المنهاج البعيد تماماً عن سوق العمل لذلك مجرد حصول الخريج على فرصة عمل سيفاجأ بالهوة الكبيرة لديه بين معلوماته الأكاديمية وما يتم تطبيقه فعلاً بالعمل الإعلامي، لافتة إلى أنه مع ندرة التعليم العملي ضمن الجامعة تكون نسبة الاستفادة مما يتلقاه في الجامعة لا يتجاوز إلمامه ببعض المعلومات كثقافة عامة.

وعن مستويات الطلاب المتدربين فقد بينت النقص الكبير لديهم بدءاً منم الأحرف الأبجدية التي لا يحفظها معظمهم مروراً بضعف مخجل باللغة العربية الفصحى وعدم امتلاكهم لأي مهارات عملية تتطابق مع متطلبات العمل وانتهاءً بالفهم السطحي لماهية العمل الإعلامي.

واقترحت العمل على وضع مناهج جديدة بعيدة عن الحشو الذي يستنزف طاقات الطالب نحو تحصيل العلامة دون المهارة والخبرة مع التركيز على اللغة العربية نطقاً وضبطاً بشكل لا ينفر الطالب منها بل يشعره بمدى متعة التعامل بها مع زرع ثقافة البحث لدى الطالب في الأجواء الحقيقية لسوق العمل وإيجاده المعلومة وتطبيقها عبر تدريبات ومشاريع جامعية يطور من خلالها معارفه وأدواته.

عميد كلية الإعلام الدكتور محمد العمر تحدث في لقاء مع قناة الإخبارية عن مساهمة الكلية في تنمية الطلاب بالشق العملي من خلال دورات تدريبة منظمة ومنسقة مع وزارة الإعلام ومؤسساتها المختلفة كهيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة سانا وصحيفتي تشرين والثورة وغيرها بإشراف مباشر من المختصين في المجال مع رفع تقارير تقييمية عن كل طالب.

وأما الشق النظري فهو بالعمل على تطوير المناهج وإدخال كل ما هوة جديد لإكمال تنشئة طالب أكاديمي متميز.

وطلب الدكتور العمر من وزارة الإعلام رعاية الخريجين والاهتمام بهم وإعطائهم دورا فعالا في العمل مع تفعيل الجانب العملي مع النظري من خلال الاستفادة من المشاريع المتميزة.

ولكننا أيضاً لا يمكننا اخفاء المعاناة المادية وعدم التحدث عن الأجور المتدنية فقد قال الصحفي فراس القاضي أنه عادة يُقال عن أمر تجاوز المنطق: إنه أمرٌ مضحك، لكن هذه الصيغة لا تفي بالغرض حين يكون الحديث عن الأجور بشكل عام، وأجور الصحفيين بشكل خاص، والأنسب هي صيغة: أمر مبكٍ.

مكملاً: لماذا قلت الصحفي بشكل خاص، وكي لا نتهم بالنرجسية أو ما شابه، فقد خصصت الصحفي لأنه مطلوبٌ منه حمل قضايا وهموم الناس على كاهله، والدفاع عنها، والبحث عن حلولها، ومعاداة الفاسدين ورفع الصوت في وجوههم.. أي أن المطلوب من الصحفي أن يكون محارباً عن الجميع، لكن دون أي ميزات.

كثر يسألوننا السؤال التالي: وأنتم كم تتقاضون؟!

إذاً، السائل، كائناً من كان، وباللا شعور، يقر أنه يجب أن يتقاضى الصحفي أجراً أكثر من غيره، فنفاجئه دوماً، بأن رواتبنا كرواتب أي موظف في أي جهة رسمية في الدولة، مضاف إليها ما يُسمى بالاستكتاب، وهو مبلغ مبكٍ أكثر من الراتب بكثير، وهنا أتحدث عن صحفيي المؤسسات الإعلامية الرسمية، أما صحفيو المؤسسات الإعلامية الخاصة، فرواتبهم أكثر، لكن ليس بكثير كما يظن البعض أيضاً.

الصحفي لينجز رسالته يقوم بكثير من الأمور التي لا يقوم بها غيره، مثل: أجور مواصلات كثيرة، اتصالات كثيرة، انترنت أكثر، قرطاسية أكثر، وأمور أخرى، هذا غير حياته الخاصة وما تتطلبه منه، عازباً كان أو رب أسرة، وإن كان رب أسرة فهي أكثر بكثير، وكل ما سبق عليه تدبّره براتب لا يكفي أسبوعاً واحداً في أفضل أحواله.

لكن ومع هذا، فإن حاجة الصحفي إلى احترام جهده، وحمايته، واحترام خصوصية مصادره، ورفع سقف حريته في تناول الموضوعات من قبل مؤسسته التي يعمل بها، تفوق حاجته لزيادة راتبه.

كل ما سبق مجموعاً مع بعضه، سيؤدي حتماً إلى ولادة صحفيي العلاقات العامة، والصحفيين المرتزقة، وصحفيي البرستيج والفيس بوك، وغيرهم من أنواع "الصحفيين" التي لا تمت للصحافة بصلة، وبالتالي، صحافة مشوهة، لها من الصحافة اسمها فقط.

المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة