الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

أزمة الغاز تراوح مكانها

2019-01-20 12:39:36

لا شيء تغير منذ بدء الحديث عن أزمة الغاز قبل أسابيع لليوم سِوى ازدياد طوابير المواطنين التي تقف بانتظار الحصول على أسطوانة الغاز، والتصريحات الرسمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، هذه الأزمة بدت واضحة أمام مراكز توزيع الغاز حيث تجد أرتالا من النساء والرجال والفتية وقد تجمعوا وسط صراخ وتزاحم وفوضى، فالمشهد أمام مراكز توزيع الغاز أشبه بمعركة حقيقية فالانتظار والاحتكاك اليومي بين المواطنين في طوابير الغاز قد يتحول في ثوان إلى إشكال ومن الطبيعي أن تسمع الشتائم، والألفاظ النابية فالمواطن وصل لمرحلة استنفدت كل طاقاته التحملية.

يقول أحد الموطنين الذين التقيناهم: أسبوع كامل على هذا الحال أحضر يومياً من ساعات الصباح  الباكر حاملاً أسطوانة الغاز الفارغة، وأصطف هنا مع الباقين في الطابور، دون أن أصل إلى بوابة البيع، ليقاطعه رجل أربعيني يقف أمامه قائلاً هناك سيارة وصلت صباحاً، كانت تحتوي حوالي 2000 أسطوانة غاز فأين تتبخر جميعها حتى لا يصلنا الدور ولو لمرة واحدة؟.

 

تصريحات فقط!

عشرات التصريحات تؤكد أن ما حدث ليس أزمة إنما مجرد اختناقات ضاعفها جشع التجار الذين احتكروا المادة طمعاً برفع أسعارها وأن الانفراج قريب، وقبل عدة أسابيع أكد مدير إدارة عمليات الغاز في وزارة النفط والثروة المعدنية نائل علاف أن الإنتاج وصل إلى 600 طن يومياً وأن الوزارة ضغطت على المعامل لزيادة إنتاجها والتي أصبحت تغطي 50% من حاجة السوق داخلياً، كما أن الوزارة مستمرة في العمل لتأمين حاجة السوق من مادة الغاز، وطمأن علاف المواطنين بأن الإنتاج في تحسن مستمر، إلى جانب القيام بالعديد من الإجراءات للحد من أزمة الغاز والسير باتجاه التعافي فيما يتعلق بإنتاج مادة الغاز المنزلي حيث بدأت الاختناقات تنخفض تدريجياً ولن تدوم أكثر من أيام قليلة.

كما كشف رئيس نقابة عمال نفط دمشق علي مرعي أن سبب أزمة الغاز هو تأخر وصول المادة السائلة المستوردة من الخارج ما أدى لتأخر في تعبئة وإنتاج اسطوانات الغاز، مؤكداً أن ناقلة المادة السائلة وصلت قبل أيام والانفراج سيكون خلال الأيام القليلة القادمة، وأضاف أن العمال ووحدات التعبئة في جاهزية كاملة لتعبئة المادة وضخها في السوق.

وعلى الرغم من مضي عدة أسابيع على هذه التصريحات إلا أن أزمة الغاز مازالت تراوح مكانها، والمواطن يعيش على أمل إيجاد حل قريب وفعلي بعيداً عن التصريحات والوعود.

 

سوق سوداء

مع اشتداد أزمة أسطوانات الغاز واختفائها من جميع مراكز التوزيع التي وضعت لافتة واحدة "لا يوجد غاز" المفارقة كانت بانتشار الأسطوانات في السوق السوداء وبأضعاف أسعارها رغم غيابها من المراكز المعتمدة، وهذا ما أكدته لنا السيدة أم ابراهيم التي تحدثت عن معاناتها اليومية بالانتظار أمام مراكز توزيع الغاز لساعات طويلة دون نتيجة ما اضطرها لشراء أسطوانة من السوق السوداء وبمبلغ 5000 ليرة، متسائلة كيف تتوفر المادة بهذا السعر في الوقت الذي لا تتوفر المادة في مراكز التوزيع؟ فأين الرقابة مما يحدث من فلتان؟.

وحدثنا حسين وهو صاحب محل تحضير وجبات سريعة قائلاً "ما أن نخرج من أزمة حتى ندخل في أخرى فلا كهرباء وحالياً نعاني نقص بمادة الغاز لذلك فقد اضطررت لشراء اسطوانة الغاز بـ6000 ليرة من السوق السوداء وهذا يعني رفع أسعار منتجاتنا، ويتابع ما يثير الاستغراب أنه رغم تصريحات المسؤولين الذين يقولون إن المادة متوافرة، فنحن لا نجدها متوافرة إلا في السوق السوداء، وطلب من الجهات المعنية تزويد المحلات بحاجتها فشراء الأسطوانة من السوق السوداء يعني رفع الأسعار، وهنا سيعرض أصحابها للعقوبات التموينية وربما لإغلاق المحل.

 

رقابة مشددة

لاشك أن غياب الرقابة أثناء التوزيع أحدث فوضى وتلاعباً في عمليات التوزيع، ولاسيما أن هناك من يحصل على عدة أسطوانات وآخرين يعودون بخفي حنين، في حين اعتبر مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور حسام نصر الله أن دوريات الرقابة منتشرة في كافة المناطق لضبط عمليات التوزيع وأن عمليات التوزيع تكون بإشراف لجان الأحياء ودوريات حماية المستهلك ووفق الأسماء المسجلة لدى المراكز، وأكد أنه تمّ في الأيام الماضية تنظيم عدة ضبوط ما بين امتناع عن بيع وبيع بسعر زائد.

من جانبه اعتبر مرعي أن طمع بعض التجار الذين يعلمون جيداً زيادة الطلب على الغاز خلال هذه الفترة فيعمدون إلى تخزين المادة وبيعها لاحقاً في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، مشدداً على دور الرقابة على عمليات البيع وتنظيمها بشكل يومي للحد من  أزمة الغاز في مراكز التوزيع.

خلال جولتنا في أحياء دمشق لرصد مراكز بيع أسطوانات الغاز والتي تشابهت بنفس المشهد "طوابير طويلة تصطف أمام مراكز توزيع الغاز في انتظار أسطوانة غاز"،  نفس المشهد صادفناه أثناء بحثنا عن أسطوانة غاز ولكن هذه المرة ليس أمام مراكز توزيع الغاز ولكن أمام محل مختص بصيانة ولحام الأدوات النحاسية ما أثار فضولنا للدخول بين هذه الجموع ومعرفة ما يحدث لنعلم الجواب على الفور من أول حديث يصل إلى مسامعنا بين امرأتين يتغلبان على طول الانتظار ببعض الأحاديث، حيث تحدث إحداهن بغضب عن فقدان أسطوانات الغاز من مراكز التوزيع، وأسعارها الخيالية التي قاربت في السوق السوداء في حال وجدت بالطبع، والذي جعلها تبحث عن بابور الكاز الذي ورثته عن أجدادها، وإصلاحه لاستخدامه مجدداً، وبنظرة سريعة حولك سترى الجميع فعلاً يحملون بيدهم بابور كاز لإصلاحه وإعادته للحياة، بعدما تحول إلى قطعة أثرية تم الاستغناء عن خدماتها بعدما أضناهم البحث عن أسطوانة غاز.

 

آخر التصريحات.. وآخر الآمال

على الرغم من أن وزارة النفط أعلنت عن رفع إنتاج اسطوانات الغاز المنزلي إلى 130 ألف اسطوانة غاز يومياً، ما يفوق معدل الاستهلاك اليومي من الغاز وذلك بعد بدء ورود نواقل الغاز الجديدة وتجاوز تعثر العقود القديمة، لكن السيناريوهات المتكررة للتصريحات منذ بدء أزمة الغاز وغيرها من الأزمات تزيد المواطن توجساً وخوفاً لأنه لا يلمس نتائج فعليه في الوقت الذي هو بأمس الحاجة إلى حلول واقعية وأن يلمس نتائج هذه التصريحات على أرض الواقع، في وقت أعلنت فيه وزارة النفط والثروة المعدنية( مساء الجمعة 11-1) رفع إنتاج اسطوانات الغاز المنزلي إلى 130 ألف اسطوانة غاز يومياً، ما يفوق معدل الاستهلاك اليومي من الغاز. ويأتي وذلك بعد بدء ورود نواقل الغاز الجديدة وتجاوز تعثر العقود القديمة، معلنة أن رفع الإنتاج المحلي سيكون بالتوازي مع تشديد الرقابة على الموزعين والمحتكرين في كافة المناطق.

ويم السبت 12-1 أعلنت "محروقات" أن وحدات تعبئة الغاز المنزلي تعمل حسب الاحتياج الفعلي ووصلت كمية الإنتاج إلى 130 ألف اسطوانة يوميا، مؤكدة أن هذه الكمية ستسهم اعتبارا من اليوم(السبت الماضي) بتحسن ملحوظ في الكميات المتاحة للمواطنين وتلبية الطلب المتزايد على المادة والانتهاء بشكل تدريجي من الاختناقات الحاصلة حاليا.

ولفتت الشركة إلى أن حصة دمشق من هذه الكمية هي 40 ألف اسطوانة يوميا فيما حاجة سورية الفعلية من المادة هي 100 ألف اسطوانة يوميا.

يأمل المواطن بحلول سريعة على أرض الواقع لتحاوز هذا الأزمة الخانقة، لا الاكتفاء بالتصريحات التي اعتادها مطولاً... إذاً وزارة النفط أعلنت أن المشكلة قيد الحل مع رفع الإنتاج، وبقي أن يلمس المواطن النتائج على الأرض.

 

هبا نصر

المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة