الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

هل يلبي شعار "ربط الجامعة بالمجتمع" احتياجات النهوض بالقطاع الصناعي؟

2018-12-22 13:42:11

كثيراً ما تم الحديث عن احتياجات سوق العمل من الخبرات والمؤهلات والاختصاصات، ودائماً كان يطرح شعار ربط الجامعة بالمجتمع على أساس أن تكون مخرجات الجامعات والتعليم العالي ملبية لاحتياجات الاقتصاد والتنمية والتطور التكنولوجي والعلمي.
واختلفت الآراء في وقت سابق ما بين من يعتبر أن مخرجات التعليم مناسبة تماماً لاحتياجات سوق العمل وملبية لمتطلبات مختلف الأعمال الصناعية والخدمية والهندسية والزراعية، فيما كان البعض يرى أن هناك حاجة لتطوير مخرجات التعليم العالي من خلال تطوير المناهج وذلك لتلبية سوق العمل التي باتت تحتاج إلى خبرات مختلفة فنية وهندسية وعلمية، وبما يساهم في مواكبة التطورات العالمية الحاصلة في الكثير من الدول التي طورت علومها واستطاعت أن تصنع كوادر متخصصة في مختلف المجالات التي تحتاجها أسواق العمل المحلية عندها والخارجية.
وإن كان من جهود تبذل في هذا الاتجاه للوصول إلى تطوير مخرجات التعليم لتلبي احتياجات السوق المتبدلة والمتطورة، فقد جاءت الحرب العدوانية على سورية لتوقف الكثير من النشاطات وكانت تأثيراتها السلبية واضحة على مختلف مناحي التعليم وعلى سوق العمل أيضاً الذي خسر الكثير من منشآته المتطورة تكنولوجياً، والتي أطاحت بها جرائم المجموعات الإرهابية ودمرتها وسرقت بعضها.
وهذا ما أكدته ندوة "احتياجات التدريب للقطاع الخاص في المحافظات السورية"، والتي نظمها مركز الأعمال والمؤسسات السوري، وأقيمت في غرفة تجارة دمشق الأسبوع الماضي، حيث اجتمعت الآراء على أن واقع العمالة في سورية اليوم مختلف تماماً عما كانت عليه في العام 2011 من كافة النواحي، لذا من الضروري جداً وضع خريطة استثمارية لتوعية الأعمال سواء تجارية أم صناعية والأهم تنموية، ولا سيما للمنشآت التي دمرت وكيف سيتم إعادة تشغيلها.
ذلك أن سنوات الحرب العدوانية أدت إلى انخفاض حاد في الكوادر والمهارات والخبرات الإدارية واليدوية، إلى جانب جملة من التحديات التي يواجهها سوق العمل قد تكون صعبة الحل في ضوء المعطيات الحالية.
فمن جهة تعاني سوق العمل من تسرب الخبرات والكفاءات العلمية وهذا حاصل في العديد من المحافظات السورية، ولذلك لا بد من إعادة تأهيل الأفراد بما يتناسب مع الاحتياجات المرحلية لتكون لهم مشاركة فاعلة ومجدية في إعادة البناء وإطلاق العملية الاقتصادية في البلاد.
وفي هذا الإطار كان من الواضح أن الجميع متفق مع ما جاءت به أبحاث وتقارير الأمم المتحدة حول مناهج التعليم في سورية، والتي ثبت من خلالها أنها غير قادرة على تقديم مهارات وخبرات تلائم حاجات سوق العمل في سورية، وفي مختلف القطاعات، ما يعني أن هناك فجوة ما بين مخرجات التعليم وما بين ما يحتاجه قطاع الأعمال الخدمي والصناعي والتجاري وغيره من طاقات نوعية وخبرات ذات كفاءة عالية في الاختصاصات كافة.
أنس طرابلسي عضو رابطة المصدرين السوريين للألبسة والنسيج قال لـ جريدة "كفاح العمال" إن مختلف القطاعات تحتاج اليوم لخبرات نوعية ومهارات فنية متطورة تساهم في حرق مراحل الزمن التي خسرناها بسبب الحرب العدوانية على سورية، ومواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، وهذا يحتاج إلى خبرات واسعة ومخرجات تعليم تمتلك مفاتيح هذا التطور التكنولوجي على الأقل.
وفي هذا السياق تنبهت الرابطة لهذا التفصيل التقني المهم، وقامت بإجراء تنسيق علمي مع كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق للوصول إلى الخبرات العلمية والتقنية من خريجي الكلية في اختصاص هندسة النسيج (وهو اختصاص يعتبر جديد بالنسبة لباقي الاختصاصات الموجودة سابقاً في الكلية) وفي إطار هذا التعاون سيقام في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بدمشق معرضاً بعنوان "دور الأبحاث العلمية والمشاريع التطبيقية في ربط الجامعة بالمجتمع" بحيث يضم مجموعة من مشاريع تخرج الطلاب في عدة أقسام هي قسم هندسة ميكانيك الصناعات النسيجية وتقاناتها، وهندسة السيارات والآليات التقنية، وهندسة الإلكترونيات والاتصالات، وهندسة الحواسب والأتمتة، وهندسة الطاقة الكهربائية، وهندسة الميكانيك العام، والهندسة الطبية وهندسة التصميم الميكانيكي.
وبين طرابلسي أنه تم التعميم على كافة الصناعيين لمتابعة هذا المعرض وحضوره، بما يساهم في تبني المشاريع المقدمة من الطلاب، ودعم العملية التعليمية وربطها باحتياجات الصناعة الوطنية في مختلف مجالاتها وخاصة في مجال صناعة النسيج، فاليوم يعتبر قطاع النسيج من أهم القطاعات التي تشغل أعداداً كبيرة من اليد العاملة وتسهم في تأمين احتياجات السوق المحلية من مختلف الألبسة ومشتقاتها، ويحتاج إلى خبرات علمية متطورة قادرة على الانتقال بالقطاع إلى مصاف التطور الحاصل بالعالم في هذا المجال.
وهذا التعاون يأتي من خلال الحرص أيضاً على تأمين فرص عمل للكوادر العلمية السورية، وضمان عدم تسربها إلى الخارج، أو هروبها إلى أعمال أخرى بغير اختصاصها ففي هذا هدر كبير للطاقات البشرية يجب أن نعيد النظر فيه ونعيد ترتيبه وإدارته بالشكل الصحيح فسورية اليوم تحتاج لكل طاقة وخبرة من أبنائها لإعادة بناء وتطوير البنى التحتية والقطاعات الاقتصادية والتنموية.
هذه المبادرة التي بدأت بها رابطة المصدرين نشاطها بعد إعادة تشكيل مجلس إدارتها يعتبر من أهم المطالب التي كان قد دعت إليها الأصوات والفعاليات التي أكدت على ضرورة وجود تضافر بين الجهات الوصائية والقطاعين العام والخاص لتأمين حاجة المؤسسات والشركات من العمالة المدربة، ولا سيما أن نجاح أي عمل يحتاج إلى تضافر الجهود مجتمعة، مع الإشارة إلى الحاجة لامتصاص القوى العاملة الجديدة التي تبحث عن فرصة عمل، وأهمية نشر التدريب في المكان الذي توجد  فيه العمالة وحسب المهن التي توجد في هذه الأماكن.
وجاءت الورشة لتصب في هذا الاتجاه ولتؤكد ضرورة قياس فجوة الاحتياجات التدريبية لمختلف المنشآت والشركات، وهذا الأمر يجب أن ينسحب على كافة المحافظات لتحديد احتياجات كل قطاع في كل محافظة، وبحث إمكانية تأمين الكوادر العلمية والخبرات المهنية المدربة والكفاءات الماهرة.
إن أكثر ما يحتاجه اقتصادنا الوطني اليوم هو إنسان مدرب وممتلك للعلوم والمهارات المتطورة القادرة على النهوض به من الواقع الحالي، والانتقال نحو الضفة الأخرى بأمان وهذا يتطلب مخرجات تعليم تواكب وتتماشى مع ما هو مطلوب، وللتأسيس لمرحلة جديدة تنطلق من عتبة لا تقل تقانياً وتكنولوجياً عن التطور الحاصل في التعليم .

محمود ديبو

المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي

لمتابعة أخبار الاتحاد العام لنقابات العمال على قناة التلغرام عبر الرابط التالي:

https://t.me/syrian_workers


مشاركة :
طباعة