الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

شيزوفرونية المنظمات الدولية

2018-12-18 10:25:13

وفق كل القوانين والمواثيق الدولية فإن الوجود الأمريكي العسكري على أراضي الجمهورية العربية السورية غير شرعي وينتهك مبادئ وميثاق الأمم المتحدة ووفق جميع قوانين الشرعية الدولية يعد احتلال لأراضي دولة مستقلة وذات سيادة وإحدى الدول المؤسسة لهيئة الأمم المتحدة، ورغم هذه الحقائق فإن الإدارة الأمريكية مازالت تصر على عدوانيتها، وتزعم أنها جاءت إلى سورية من أجل مكافحة الإرهاب.‏
وتحت هذه الذريعة أي مكافحة الإرهاب لا يكاد يمر يوم أو أسبوع دون أن تقوم أميركا وتحالفها الدولي المزعوم بارتكاب مجزرة بحق السوريين المدنيين الأبرياء، وما تشهده مدينة هجين وقراها في محافظة دير الزور خير شاهد, فقد استشهد وجرح بقصف الطائرات الأميركية مئات المدنيين السوريين. ناهيك عن التدمير المنهجي لمدن سورية في المناطق التي تحتلها أميركا وداعش، وبشكل ممنهج وهمجي كما حدث في مدينة الرقة التي دمرت بشكل كامل ولا يزال هذا التحالف الأميركي يشن يومياً الغارات التدميرية على العديد من البلدات والقرى السورية الأخرى شرقي الفرات.‏ فيما لم تتعرض مواقع تنظيم داعش الإرهابي حتى ولو لغارة واحدة من قبل هذا التحالف.‏ 
والمفارقة الصارخة أن الدعاية الامريكية الرخيصة بكل وسائل إعلامها الكاذب تدعي أن واشنطن أنجزت الكثير في مجال مكافحة الإرهاب والقضاء على داعش والقاعدة، فيما تقول الوقائع على الأرض أن غارات طيران هذا التحالف لا تقتل إلا السكان المدنيين وتتسبب بعشرات المجازر وتدمر البنى التحتية والمنشآت الحيوية للسوريين.‏‏
وما يثير السخرية أنه لا يكاد يمر يوم دون أن يتحفنا المسؤولون الأميركيون وحلفاؤهم وأدواتهم بأحاديث عن الإعمار والتنمية في المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية من سورية فيما الحقائق تشير إلى تدمير معظم المدن والقرى بقصف ممنهج  وهمجي تقوم به طائرات هذا التحالف الدولي المزعوم.‏ وما يثير الريبة أيضاً ليست العدوانية الأميركية التي اعتاد العالم برمته عليها وليس إنكار أميركا للحقائق والتفافها على القانون الدولي، بل بتجاهل المنظمات الدولية لهذه العدوانية وعدم مطالبتها أميركا بالانسحاب من الأراضي السورية الأمر الذي يثير الشبهات ويزعزع الثقة بهذه المنظمات.‏
لقد ارتكبت أمريكا وتحالفها وما زالت ترتكب وبشكل متكرر ويومي مجازر مروعة بحق السوريين المدنيين الأبرياء, فأين الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة بدءاً من مجلس الأمن الدولي وليس انتهاءً بمجلس حقوق الإنسان من هذه الجرائم الوحشية؟. وأين هي حماسة هذه المنظمات التي تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يتعلق الأمر بقضايا تريد أميركا وأعداؤها استثمارها لخدمة أجنداتها؟ أليست هي شريك فيما يرتكب من مجازر وفظائع بحق المدنيين السوريين الأبرياء؟ أليس صمت هذه المنظمات هو جريمة بحد ذاته تجعل الولايات المتحدة تتمادى في اعتداءاتها وجرائمها الوحشية وارتكاب المزيد منها؟.‏
إن كل جرائم أمريكا وحلفائها الموصوفة ومعها الاستخدام الممنهج للأسلحة المحرمة دولياً كقنابل الفوسفور الأبيض لم تحرك مجلس الأمن الدولي لإدانتها والطلب من أميركا وحلفائها الكف عن المزيد منها ولم تتحرك منظمات حقوق الإنسان في جنيف وغيرها كما هي عادتها عندما يتعلق الأمر بدول ترفض السياسات الأميركية.‏  وبدلاً من قيام الأمم المتحدة ومؤسساتها كمجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان وغيرهما من الأجهزة بمطالبة واشنطن وبقية دول الاستعمار الغربي كفرنسا وبريطانيا بالانسحاب من سورية، والتأكيد على خروج جنودها الفوري دون قيد أو شرط فإنها تنافق لها وتستمع لمؤامراتها وبياناتها وترفع مشاريع قراراتها لإدانة سورية بكل مناسبة.‏
والمفارقة الأكثر من ساخرة هنا أن تقارير المنظمات الدولية المذكورة التي تقيم الدنيا ولا تقعدها وتجتمع وتصدر البيانات عندما يتعلق الأمر ضد الدولة بسورية لا تتطرق إلى العدوان الأميركي المتكرر على سورية ولا تنبس ببنت شفة فيما تؤكد القرارات والمواثيق الدولية أن وجود قوات أجنبية على أراضي دولة أخرى بدون موافقة حكومتها الشرعية هو وجود غير شرعي وغير قانوني وهو بمثابة احتلال أجنبي لأراضي دولة ذات سيادة.‏ ألا يعني ذلك نوعاً من الشيزوفرونيا التي تعاني منها المنظمات الدولية التي باتت أداة طيعة بيد واشنطن التي تنشر الإرهاب في منطقتنا والعالم أجمع.
د. محمد قاجو

المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي

لمتابعة أخبار الاتحاد العام لنقابات العمال على قناة التلغرام عبر الرابط التالي:

https://t.me/syrian_workers


مشاركة :
طباعة