الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

هل صحيح أن وزارة الصناعة غاصت في التفاصيل الصغيرة بعيداً عن رسم الاستراتيجيات؟

2018-12-18 10:18:47

لم ينل عمل وزارة الصناعة خلال السنوات الماضية الرضا الكافي من أهل الخبرة الذين اتهموها بالتقصير وعدم القدرة على ترميم الترهل والضعف الناتج عن الأزمة التي مرت بها سورية، ليعقد الكثيرون الآمال اليوم على وزارة الصناعة بوزيرها الجديد علّ وعسى يستطيع انتشال الصناعة السورية من حالة الركود والأخذ بيدها إلى الصناعة العالمية من خلال اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمعالجة آثار ونتائج الأزمة بشكل كامل وتقديم التسهيلات اللازمة للصناعة الوطنية كي تكون قادرة على الإنتاج مرة أخرى، والمساهمة بقوة في النهوض بالاقتصاد السوري من جديد.

أولويات
يجمع الكثيرون على ضرورة إعادة النظر بشكل فعلي وحقيقي لعمل وزارة الصناعة دون مواراة لأحد، حيث أكد غسان السوطري "عضو مجلس إدارة بالمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية" أن الصناعة هي من أهم القطاعات التي تحمي المواطنين من الفقر لأنها تخلق فرص عمل وتحقق منتجا يستفيد منه الجميع، لكن وزارة الصناعة وعلى مدى سنوات لم تقم بواجبها الكامل تجاه الصناعة السورية خاصة بعد أن بدأ القطاع العام بالترهل وعدم تجديد خطوط إنتاجه وضياع الوزارة بتفاصيل صغيرة وعدم رسم استراتيجيات صناعية للصناعة السورية على المدى الطويل، إذ يقوم كل وزير بنسف ما كان قبله ويبدأ من الصفر، إضافة إلى أن وزارة الصناعة عنيت بالقطاع العام مع عدم المحاولة لتطويره فكان الهدف من القطاع العام رفد الخزينة العامة فقط دون تحديثه.
وأكد السوطري أن المطلوب اليوم من وزارة الصناعة الدراسة الموضوعية لكل مؤسسة وشركة على حدة وتشكيل لجان فنية مختصة ووضع دراسات للنهوض بها بما يعتمد على توفر المواد الأولية وأن يكون هناك تحقيق قيمة مضافة، كذلك لابد من إيجاد مواقع أو مؤسسات لصناعة المواد الأولية الداخلة في الصناعة السورية كي نتخلى عن الاستيراد، مع ضرورة اعتماد قوانين جذب مستثمرين وطنيين أو أصدقاء لهذه المشاريع كي نعيد الصناعة السورية لسكتها الصحيحة، وأشار السوطري إلى الأخطاء التي ارتكبها وزارة الصناعة بالنسبة للقطاع الخاص وافتقادها للخارطة الأساسية لهذا القطاع فهي ليست مسؤولة عنه سوى بمنح التراخيص، فالقطاع الخاص يجب أن يكون مُتابع بأدق تفاصيله من قبل الوزارة لإنتاجه وتسويقه حسب الاحتياجات الأساسية للبلد وهذا يتطلب التكامل بين عدة وزارات، كذلك لا بد من إعطاء المرونة للمؤسسات والشركات والمحاسبة على النتائج وعدم ربط الأمور التفصيلية بوزارة الصناعة، إضافة إلى ضرورة تحميل المؤسسات مسؤولياتها عن شركاتها.
وأيّد خلف حنوش "عضو مجلس إدارة في المؤسسة العامة للإسمنت" حديث السوطري بضرورة ابتعاد وزارة الصناعة اليوم عن التفاصيل غير المجدية وأن تتجه للعمل الذي تتطلبه مرحلة إعادة الإعمار، كذلك على الوزارة أن تضع نصب أعينها أهمية القطاع العام لما قام به وقدمه خلال الأزمة، وأن تولي الأهمية الكبرى لقطاع الاسمنت الذي يشكل ضلعاً أساسياً في صناعتنا والذي يعاني من مشاكل جمّة أهمها عقد فرعون المزعوم لتطوير صناعة الاسمنت بإسمنت عدرا وطرطوس الذي لم يحقق أي نتائج ملموسة في اسمنت طرطوس من حيث زيادة الإنتاج وتطوير وتدريب العاملين بل على العكس تستطيع الكوادر الفنية في اسمنت طرطوس تحقيق الأرقام الإنتاجية التي زعم فرعون تحقيقها لذا فإن فسخ هذا العقد هو من الأولويات اليوم التي يجب أن تقوم بها وزارة الصناعة، ناهيك عن أهمية العمل على جلب خطوط اسمنت جديدة لإسمنت الشهباء إذ لم يتم حتى اليوم تأهيل الشركة العربية للإسمنت نتيجة الترهل سواء من إدارة المؤسسة أو من الكادر الإداري الموجود في الشركة والذريعة دائماً عدم توفر السيولة أو الملابسات بالعروض المقدمة.

رؤى جديدة
في المقابل لم ينكر محمد كوسا "خبير اقتصادي" حالة الترهل الكبير التي تصيب الصناعة السورية حيث اعتمدت وزارة الصناعة على مر العقود على الحلول الفورية الجاهزة والتي لا تؤدي لإنقاذ الصناعة وحل مشاكلها بل هي مجرد حلول آنية تنتهي صلاحيتها بسرعة، لذا يفترض على الوزارة اليوم القيام بحلول جوهرية وأن تعيد النظر بوظيفتها الأساسية في المستقبل وهي أن تتحمل أن تكون مع الضعيف في الصناعة، وأن تخرج من ذهنية الماضي وعدم التقيد بشروط وقوانين صعبة قيّدت نفسها بها، إضافة على ضرورة تنظيم الصناعة في القطاع الخاص وتوجهه إلى احتياجات السوق، إذ يوجد اليوم صناعات كثيرة غير مجدية اقتصادياً وتشكل عبئا على الاقتصاد، كذلك ينبغي على الوزارة إعادة هيكليتها إدارياً وتنظيمياً كي تعيد للصناعة السورية موقعها عالمياً، ويكون البدء بالتنظيم ووجود فريق آخر مع الوزارة لإعادة هيكلة الصناعة السورية من خلال إقلاعها ضمن الإمكانات الموجودة، إضافة إلى مسألة مهمة وهي إعادة النظر بالصناعات القائمة من حيث الدمج أو الإلغاء والعمل عليه يجب أن يكون من أولويات الوزارة اليوم.

شلل صناعي
لا بدّ من الانطلاق أولاً لحل مشاكل هذا القطاع الذي تراجع نتيجة الضعف في التطبيق لسياسات هذا القطاع وضعف التسويق لمنتجاته ما جعل القطاع الصناعي الخاص يتصدر السوق وهذا ما أضعف القطاع العام الصناعي وأدى إلى شبه حالة شلل لا يحسد عليها برأي الدكتور محمد ناصر"خبير اقتصادي"، لذا لا بد اليوم أن تقوم وزارة الصناعة بتقديم قروض قصيرة وبشروط ميسرة للمنشآت الصناعية المتعثرة حالياً لاستخدامها كرأسمال عامل من أجل تحريك الإنتاج والأسواق والمحافظة على وجودها والعاملين فيها، وإعطاء مسألة التمويل الصناعي بكافة مستوياته، المتناهي الصغر والصغير والمتوسط، والاهتمام المطلوب من المصارف والصناديق العامة والخاصة وبشكل خاص ما يتعلق بتسهيل شروطه وضماناته مع التأكيد على أن تكون المنشأة الصناعية بآلاتها وتجهيزاتها وبنائها هي ضمانة القرض المطلوب باعتبار أن مخاطر إغلاق المنشآت الصناعية كلياً أو جزئياً أو تراجع النشاط الصناعي أكثر ضرراً وخطراً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية على الاقتصاد الوطني من تأخر تسديد القرض أو إعادة جدولته، كذلك يجب اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة التهريب وحالات التلاعب والفساد المعروفة في إدخال المستوردات وبشكل يترافق مع التزام واضح من قبل الصناعيين بمراعاة موضوع السعر المنافس والجودة المطلوبة وخدمة ما بعد البيع وبتسهيلات الشراء وتجنب تخفيض نوعية المنتجات الوطنية لتخفيض كلفتها وسعرها لمنافسة البضائع المستوردة ما يؤدي إلى الإساءة إلى سمعة الصناعة الوطنية ومصداقيتها محلياً وخارجياً.
ميس بركات
المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي

لمتابعة أخبار الاتحاد العام لنقابات العمال على قناة التلغرام عبر الرابط التالي:

https://t.me/syrian_workers


مشاركة :
طباعة