الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

تطبيق برنامج الحجوزات المالية في مديريات النقل يزيد من أعباء المواطنين في سوق السيارات

2018-11-01 08:38:13

يعود الحديث عن سوق السيارات ليقفز إلى الواجهة من بوابة ما تم الإعلان عنه مؤخراً من السعي لتنظيم هذه المهنة وإحداث مدينة لمعارض ومكاتب بيع السيارات تضم كل من يعمل في هذه المهنة، بحيث تقرر أن تكون في منطقة الدوير بريف دمشق.
إلّا أن الواضح من هذا الإجراء هو فقط تأمين حيز جغرافي ومكان لتوضع المكاتب وكل من يعمل في مهنة بيع وشراء واستيراد السيارات، دون أن تكون هناك أي نية في تنظيم أداء هذه المهنة وضبط إيقاعها خاصة فيما يتعلق بمستويات الأسعار والجودة والمواصفات.
فاليوم ومع حالة الجمود الواضحة في تجارة العقارات يحاول البعض النشاط في سوق السيارات الأمر الذي أدى إلى رفع أسعار السيارات بشكل واضح، حيث يمكن أن تجد سيارة كانت تباع بحوالي أربعة ملايين ليرة، يطلب صاحبها اليوم زيادة على السعر من 500 إلى 800 ألف ليرة..
يقول صاحب مكتب بيع سيارات في دمشق، إن هذه المصلحة شهدت (شقيعة) كثرا ففي كل يوم يدخل عشرات (التجار) على خط بيع وشراء السيارات، ويبيعون ويشترون ويتاجرون، دون أن يكون لدى البعض منهم مكتب أو مقر أو غير ذلك.
هؤلاء ونظراً لكونهم لا يدفعون تكاليف أو أجور أو ضرائب أو رسوم محلات وغير ذلك فهم قادرون على التكيف مع مستويات الأسعار والتأثير على الحركة بحيث مرة يكسرون الأسعار ومرة أخرى يرفعونها، ولا يمكن حصر وضبط هؤلاء أو منعهم من العمل، فهم بالنهاية يقومون بعمل تجاري، وهذا حق لكل مواطن أن يمارس العمل الذي يناسبه.
ونتيجة لهذه الحالة فإن تجارة السيارات اليوم يشوبها الكثير من الشوائب، حيث لا يخلو السوق في كل يوم من بيع سيارات (مضروبة) وبأسعار مرتفعة، وغالباً أبطال تلك (البيعات) هم هؤلاء الشقيعة، فالواحد منهم يحصل على سيارة تعرضت لحادث أو كانت هدفاً للأعمال الإرهابية في منطقة ساخنة أو غير ذلك، فيشتريها بسعر قليل، ويعمل على إجراء بعض التحسينات في الشكل وبعض الإكسسوار، ويطرحها للبيع على أنها (خالية) مع التأكيد على القول بأنها تتمتع بمواصفات ممتازة لجهة نظافة المحرك وباقي القطع ومنها العجلات والدهان و(البخ) و...
وبحسب ما أعلنت عنه مديرية النقل بدمشق مؤخراً فإن حجم المعاملات المنجزة خلال الأشهر التسعة الماضية وصل إلى 218143 عملية فراغ، وهو رقم يعطي مؤشرا عن نشاط السوق وحركات البيع والشراء.
إلا أن اللافت اليوم أن الأسعار المعلنة للسيارات لا تخضع لمعيار محدد وغير مضبوطة بآلية محددة، وتقوم على مبدأ (كل واحد حر برزقه) أي يمكن أن يطلب الرقم الذي يريده كسعر لسيارته، وله أن يبيع بأقل أو أكثر، بحسب الظروف التي تتأثر فيها عملية البيع، إن كان البائع مضطراً لسيولة مادية، أو أنه غير مضطر لذلك، إلى جانب توفر الزبون الذي يحمل (الكاش) والذي يدفع مباشرة، إضافة إلى أن تكون الماركة مرغوبة بالسوق، وعليها طلب كالسيارات الكورية مثلاً، فيما تجد زبونا يرغب باقتناء سيارة من ماركة معينة، قد لا يكون عليها طلب في السوق كالسيارات ذات السعات الكبيرة.
وفي هذا السياق ومع اعتماد وزارة النقل لبرنامج الحجوزات المالية الذي يتضمن قواعد البيانات الموجودة في مديريات النقل، والبدء بالعمل به منذ شهر آب الماضي، فقد بدأت الأصوات تتعالى لإعادة النظر بالآلية المعتمدة والتي تسببت بمزيد من التعقيدات على المواطنين، خاصة حالات تشابه الأسماء التي أربكت العمل وأخرت معاملات المواطنين، وزادت من الأعباء المادية عليهم، حيث يتطلب الأمر من الشخص الذي تنطبق عليه حالة التشابه في محافظة أخرى غير المحافظة التي يقطن فيه، يتطلب أن يراجع المديرية المعنية ويصحح التشابه ويعود و..، وفي أحسن الأحوال قد يتطلب الأمر الانتظار لساعات في حال انقطاع الكهرباء أو فصل شبكة الإنترنيت.
الأمر الذي خلق حالة من عدم الرضا عن البرنامج المعتمد، والذي كان المأمول منه أن يسرع في إنجاز معاملات المواطنين في الفراغ ونقل الملكية وغيرها، إلا أن النتائج جاءت عكس ذلك تماماً وزادت من متاعب المواطنين.
يقول أحد المواطنين إنه اضطر للتنازل عن 600 ألف ليرة من ثمن سيارته، فقط لأنه كان بحاجة لسيولة مادية، والسبب أنه لم يتمكن من فراغ سيارته بسبب حالات التشابه بالاسم في محافظة أخرى، وهذا خلق حالة جديدة من قناصي الفرص، الذين يستغلون حاجة المواطنين لبيع سياراتهم ويعرض عليهم دفع ثمن أقل من الثمن المعروض بكثير، الأمر الذي يتسبب بظلم يقع على البائع فقط لأنه مضطر ولأن البرنامج الجديد، زاد من التعقيد، وهنا يتساءل الكثيرون، عن هذا الإهمال وعدم  الاكتراث بمصالح المواطنين من قبل المعنيين في النقل، فمن جهة يتم اعتماد برنامج على أساس أنه برنامج حضاري ويوفر الوقت والجهد، باستخدام خدمات شبكة الإنترنيت، لكن بالمقابل عندما يكون الأمر متعلقا بمصلحة المواطن، لا تجد اهتماما من قبل مديريات النقل.
فمثلاً عند حصول حالة تشابه بالأسماء لماذا لا يتم استخدام نفس التقنية (الانترنيت) بالتأكد من حالة التشابه ما بين المديريات، بحيث لا يتحمل المواطن أعباء السفر والانتقال إلى المديرية الثانية والحصول على ما يثبت ملكيته للسيارة، أو عبر الفاكس.. وبذلك تكون حالة الموثوقية أعلى لكون التعامل يتم بين مديريتين وعبر أقنيتهم الخاصة ما لا يدع مجالاً للتلاعب أو التزوير وبنفس الوقت يوفر المتاعب على المواطنين، ولا مانع أن تكون هذه الخدمة مأجورة فمهما كان الرسم أو الأجر فهو يبقى أقل بكثير من حجم الإرباك الذي سيتعرض له المواطن وكذلك التكاليف التي سيتكبدها جراء استخدام (التقنية) في إنجاز معاملات مديريات النقل.
مواطن آخر رأى أن هذا الأمر ساهم في لجوء الكثيرين إلى طلب أسعار غير منطقية بسياراتهم، وذلك تحسباً لأي طارئ من هذا النوع الذي قد يعرقل بيع السيارة، وعدم وقوعه ضحية لاستغلال الشقيعة وقناصي الفرص، فهو بذلك يضمن تحصيل أعلى رقم ممكن كثمن لسيارته، بمعنى آخر هو يحاول أن يقلل قدر الإمكان حجم الخسارة المتوقعة التي قد تنجم من بيع السيارة بسبب ما قد يواجهه من عقبات نتيجة هذا البرنامج الجديد.
محمود ديبو

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة