الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

القطاعات الصناعية.. محاولات جادة لتحديد الأولويات ووضع القاطرة الإنتاجية على سكة العمل والتشغيل

2018-08-05 07:40:52

الكثير من القطاعات الصناعية بحاجة إلى عمل وجهود مضنية لإعادة النهوض بها مجدداً، فالقطاع الهندسي مثلاً بحاجة للكثير من العمل والتأهيل والدعم، فمعظم معامله خرجت عن الخدمة وتهدمت، ومعامل هذا النوع من القطاعات يحتاج للكثير من المتطلبات، والمواد الأولية المتعلقة بإعادة إحيائها، وهي ذات كلفة عالية جداً، وبحاجة إلى الكثير من الدعم لتنهض الصناعة الهندسية كما كانت قبل الأزمة، في حين أن القطاع الكيميائي عاد للازدهار، ويمكن أن نتحدث عن أكثر من 30 معملاً عادت للإنتاج خلال السنة الأخيرة، تغطي اليوم حاجة القطر، وهناك تصدير للخارج أيضاً، وهو أمر له بوادر طيبة أيضاً، ومن ناحية أخرى فالاجتماعات التي تجري بين غرف الصناعة والجهات المعنية في الحكومة تساهم بشكل كبير في تذليل العقبات التي تعترض عمل الصناعيين، وإعادة تأهيل منشآتهم المتضررة.

أولويات صناعية
يبدو أن تحديد الأولويات الصناعية على أسس واضحة سيكون له دور كبير في وضع المسار الصناعي على الطريق المطلوب مستقبلاً، شريطة أن يواكب هذه الأولويات على الأرض تحرك سريع، وخرائط واضحة للمطلوب إنجازه في المرحلة المقبلة، خاصة في الوزارات المعنية، حيث تؤكد وزارة الصناعة بأن أولويات وزارة الصناعة خلال المرحلة المقبلة ستتضمن إعادة تأهيل كافة الشركات والمعامل المدمرة نتيجة الأعمال الإرهابية، حسب أهميتها، ونسبة الضرر والدمار، وقد بدأت  بإعادة تأهيل الشركات والمصانع التي تضررت بشكل جزئي، أما الشركات التي دمرت بالكامل فتم تأجيل العمل بها لمرحلة مقبلة، على سبيل المثال بدأنا العمل في شركة كابلات حلب، وتم تأهيل آلاتها لأهمية الشركة في إعادة الإعمار، وهي كذلك بصدد إعادة تأهيل خط كامل هو خط كابلات توتر المتوسط، ويتوقع أن ينتهي تأهيله بنهاية العام، أما الشركات المدمرة بشكل كامل مثل الموجودة في المليحة كالأهلية للمطاط، وتاميكو، فهذه شركات مدمرة كلياً، وتحتاج لأموال كبيرة، فتم التريث بموضوعها حالياً، وتم إيجاد أمكنة بديلة لبعضها بشكل مؤقت مثل شركة تاميكو لأهميتها، وما تقدمه من احتياجات دوائية، وركزت الوزارة على إقامة المشاريع التي تتوفر موادها الأولية مثل الصناعات الزراعية، ومن الأمور التي نعمل عليها اليوم مع الأصدقاء والدول الحليفة، مشروع إنتاج البازلت، فالمعروف أن سورية فيها كميات وافية من هذه المادة، وينتج منها الكثير من الصناعات كالألبسة المضادة للحريق، وأنابيب النفط، وهذه مشاريع حيوية ومهمة جداً.

مطالب صناعية
في المقابل تبدو الأهمية ملحة للتعاون مع الصناعيين السوريين، وجعلهم شركاء فعليين في صناعة القرار الاقتصادي السوري، حيث يؤكد الكثير من الصناعيين، والاستماع لهم، وتطبيق قانون التشاركية بشكل جدي وفعلي، وليس نظرياً فقط، ويقولون: بالنسبة إلينا كصناعيين لدينا الكثير من المطالب لتحقيق القفزة النوعية في الصناعة مستقبلاً، كتأمين مصادر التمويل، وتذليل العقبات، وتأمين البنية التحتية، والتصدير والترويج، وهذا بمجمله يسهم في إعادة إحياء الصناعة وإنعاشها مجدداً، والأهم من هذا وذاك ترغيب رؤوس الأموال التي غادرت القطر بالعودة، وذلك من خلال الوضوح في السياسة النقدية، ورفع أسعار الفائدة، فإعادة الأموال تنعش الصناعة، والمعروف أن الدول المجاورة استفادت كثيراً من الأموال السورية التي خرجت، وبالنسبة لموضوع التشاركية الأهم من القانون هو تطبيق مبدأ إرادة التغيير وإدارة التغيير، فيجب أن تكون جميع القرارات والقوانين التي تصدر لإعادة بناء الصناعة استثنائية بناء على مؤتمر يجمع الصناعيين، ويبحث بطرق الحلول، فأهل مكة أدرى بشعابها، وتقديم الحلول من وراء الطاولات ليس بحل، بل يجب وضع الحلول من الصناعيين أنفسهم بالتشارك والتعاون مع من يضع القرار، فالحكومة ليست طبيباً لتعالج كل مشكلة وتحلها، ومن الأمور التي ينبغي التأكيد عليها خلق تسهيلات ائتمانية، وألا تكون هناك قيود على المواد الأولية الداخلة في العمليات الصناعية، فاليوم على سبيل المثال عندما نطلب مادة أولية معينة نحتاج للكثير من الموافقات الروتينية التي تعرقل عمل الصناعي، كالبيئة وغيرها، وهناك أمور روتينية وإدارية ينبغي تجاوزها في المرحلة الحالية إن كنا نبحث عن نهضة صناعية.

وضوح رؤية
الصناعة السورية عملت وتعمل ضمن تحديات كبيرة، وهو ما يتطلب في المستقبل رؤية محددة وواضحة، يتم وضع الصناعيين في إطارها وآليات عملها بالنسبة لشكل الانفتاح، والمسار الاقتصادي الذي سنسير عليه، خاصة بعد النجاح في التصدي لكل الدول التي حاربتنا، والتي عملت على تدمير البنية التحتية والصناعية، ودور الصناعي السوري الذي تكامل مع الحكومة، فالتسهيلات التي تقدمها الحكومة للصناعيين، لا يمكن أن تصنف ضمن إطار أو توجه محدد، فالحكومة مهتمة بدعم المشاريع المختلفة، سواء الكبيرة منها، أو المتوسطة، أو متناهية الصغر، مع إعطاء الاهتمام للمشاريع متناهية الصغر، فالورشات الصغيرة هي أسس ثابتة لخلق فرص للعمل، بالإضافة للمصانع الكبيرة، وهو ما يؤدي لفتح آفاق كبيرة للصناعة السورية، خاصة بعد بدء التعافي الاقتصادي، فالصناعة السورية تعافت بشكل ملحوظ في العامين الأخيرين، 2016 بدأت العودة، و2017 شهدت تحسناً إضافياً، واليوم في الـ 2018 تعطي وتنتج، وتم فتح أسواق جديدة، وبالنسبة للإحصائيات كان هناك تصدير لحدود 80 دولة، وفي مطلع السنة الحالية نحن نقوم بالتصدير لأكثر من 100 دولة، وخاصة بالنسبة لقطاعي الصناعات الغذائية، والنسيجية التي تأخذ أولوية التصدير بالنسبة لسورية، وكانت أكثر القطاعات التي شهدت انتعاشاً، وهناك معامل كثيرة غذائية افتتحت هذا العام، و منتجاتها تغطي حاجة السوق بشكل شبه كامل محلياً، وهذا الأمر له بوادر إيجابية، أهمها أن المستهلك السوري أصبح يثق بالمنتج السوري، والصناعة التي نعتقد أنها تنافس محلياً وعالمياً.

نظرة مختلفة
في الجانب الأكاديمي يتحدث الخبير الاقتصادي والمدرّس في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور زكوان قريط عن حاجة ماسة لسياسة اقتصادية واضحة المعالم تنتهجها سورية في المرحلة المقبلة، وفترة إعادة الإعمار تترافق مع قوانين وتشريعات ملائمة، فبعد تشخيص المشكلة، واستعراض الواقع الصناعي في سورية، وتحديد نقاط القوة والضعف فيه على أرض الواقع، نجد أن العديد من المشاريع لا يمكن تطبيقها إن لم ترافقها قوانين وسياسة اقتصادية واضحة تربط كل هذه الأمور، خاصة أن السياسة الاقتصادية الحالية غامضة، فلا توجّه لاقتصاد سوق اجتماعي، ولا اقتصاد لسوق حر، ولا أي نوع من الاقتصاديات، وللأسف بعد أن بدأت سورية تأخذ منحى سياسة اقتصادية محددة في بداية الـ 2000، وبدأت الاستثمارات تؤتي أكلها في نهاية الـ 2009، وبدأ الصناعي السوري بالتفكير بتطوير الصناعات البسيطة، وإدخال تقنيات حديثة، أتت الأزمة وأنهت كل ما تم البدء به، فالصناعي لا يمكن أن يفكر بصناعات أكثر تقدماً إلا حين يشعر بالاستقرار، ولا يمكن أن يبدع وهو محصور بقوانين جامدة، ومن ناحية أخرى فالتراخيص الصناعية بحاجة لإعادة دراسة، وللأسف نحن مشهورون في سورية بعملية التقليد، فمثلاً حين يفتح أحدهم محلاً أو استثماراً ما، يقوم الآخرون بتقليده، كما حدث في عام 2000 حين انتشرت ورشات الخياطة بشكل واسع في سورية نتيجة التقليد الأعمى، وهذا الأمر لم يكن ليحدث لو رافقته نظرة اقتصادية مختلفة!.
هلا نصر
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة