الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

الفكر التدميري طبعة إسرائيلية بوجه إسلامي

2014-11-04 21:57:54

ابتليت الأمة العربية والأمة الاسلامية بتنظيمات وعصابات ارهابية عملت على اختطاف الدين الاسلامي ووضعه شعارا لها وأوهمت الآخرين بأن أعمالها الارهابية التخريبية تأتي من أجل نصرة الدين وإعلاء شأنه في حين ان الحقائق على أرض الواقع تؤكد ان أهدافها تتجسد في نشر الإرهاب والاساءة للدين وتنفيذ أجندة خارجية وأغراض خاصة بعيدة كل البعد عن الدين وقيمه السمحة وتعاليمه السامية ومن هذه الأغراض:
- إظهار الاسلام دين السلام والعدالة والسماحة والعيش المشترك كما لو أنه دين ارهاب وتفرقة وتعصب وإقصاء للآخرين.
- خدمة القوى الاستعمارية والصهيونية التي تتربص بالأمة العربية والتي عملت طويلا على تفتيتها والسيطرة على دولها ورعت وماتزال -كما هي الحال عليه اليوم- على تبني عملاء ومجموعات ارهابية توظفها لممارسة نشاطات ارهابية حتى يسهل عليها تنفيذ أجنداتها السرية الخبيثة.
- تأييد الفرضيات والنظريات التي تبناها وأطلقها بعض الكتاب والمستشرقين الأمريكيين والغربيين حول ما أسموه كذبا وافتراء (الغزو الاسلامي) للغرب والعمل على إقامة (أوروبا اسلامية) معادية للقيم الغربية.
- تمزيق بعض الدول العربية وتقسيمها من جديد على أسس طائفية وعرقية ومحاولة إيجاد دويلات صغيرة تحت شعارات دعم حقوق الإنسان ونصرة الحريات وما شابه ذلك من شعارات براقة وبحيث تكون هذه الدويلات مرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وبمثابة ألغام جاهزة للتفجير كلما استدعى الأمر ذلك كما جرى في جنوب السودان وكما يجري في ليبيا وما إعلان إقامة ما يسمى /الدولة الاسلامية في العراق والشام/ (داعش) إلا مؤشرا واقعيا على ذلك وكذلك الإعلان عن عزم داعش على إقامة إمارة في كل من لبنان والأردن.
لقد شهد العالم موجات عديدة من مثل هذه الحركات والتنظيمات الارهابية التي استخدمت شعارات عديدة لإشعال الحروب هنا وهناك وارتكاب المجازر والجرائم وإثارة الفوضى والقلاقل في الدول التي تواجدت فيها.
وشهد التاريخ الاسلامي في مراحل مختلفة منه ظهور مثل هذه التنظيمات والجماعات الارهابية التي تستهدف تشويه الاسلام ونشر الاضطرابات والفوضى وعدم الاستقرار خدمة لأعداء الاسلام كما فعل /الخوارج/ الذين كفروا جميع من اختلف معهم في الرؤية والفكر ووجهة النظر وفرقوا المسلمين إلى طوائف وتحزبات.
الأمر يتكرر الآن حيث الفكر التدميري الذي يتعامل مع الناس الأبرياء بلغة الإرهاب والترويع وتفجير العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والقتل على الهوية وقطع الرؤوس ورجم النساء وتهجير الطوائف الأخرى من أصحاب الديانات من منازلهم أو إجبارهم على الدخول في الدين الاسلامي أو دفع الجزية. هذا الفكر التدميري هو الخطر الحقيقي على الاسلام والمسلمين وقد ألحق الضرر الجسيم بالعرب والمسلمين فهو فكر ارهابي مدمر للسلام وأبجديات الحوار والتنمية بمعنى آخر مدمر لكل ما يدعو له الدين الاسلامي الحنيف من تآلف وعيش مشترك. لهذا كله فإن هذا الفكر المتخلف والعنيف والقائم على احتقار الآخر وإقصائه بل على قتله هو السبب في تخلف العرب والمسلمين عن ركب الحضارة وهذا ما يريده الاستعمار وتعمل من أجله الصهيونية العالمية واسرائيل بدعم كامل من الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب والمنطقة العربية.
وتزداد خطورة مثل هذه الجماعات والتنظيمات /داعش وجبهة النصرة/ واخواتهما من خلال تركيزها في نشاطاتها وجرائمها على جيل الشباب الذين يشكلون قوة أية أمة أو دولة وعماد مستقبلها لتحقيق أهداف ملغومة وأجندة خارجية معادية للعرب والمسلمين وذلك عبر تجنيدهم في شبكات ارهابية وتدريبهم على السلاح وفنون القتال والتعذيب والزج بهم في ساحات القتال هنا وهناك لتعطيل طاقات الشباب وخنقها وتقليص فاعليتها.
إن الأمر الجوهري والمقلق حقا بهذا الشأن هو الدور الخطير والمشبوه للقوى والدول التي تدعم مثل هذه الجماعات وتمولها سرا وعلانية لخدمة أجندتها السرية في المنطقة مثل قطر والسعودية وتركيا حيث كشف الدكتور رفعت سيد أحمد رئيس مركز (يافا) للدراسات السياسية في القاهرة في حوار أجرته معه صحيفة /الأخبار/ الصادرة في التاسع من شهر تشرين الأول 2014 عن ان الموساد الاسرائيلي يخترق هذه الجماعات الاسلامية التي تتسلح بالدين الاسلامي لتغطية جرائمها ويوجه أعمالها ونشاطاتها لأن هدف اسرائيل الأول والأخير والمهم هو خلق فتن طائفية ومذهبية داخل المجتمعات العربية بتمويل جماعات متطرفة تتستر خلف الدين الاسلامي وتتخذ منه ذريعة لتحقيق أهدافها السياسية. فما يحدث في الدول العربية من عنف وقتل وحرق وتدمير هو طبعة اسرائيلية بوجه اسلامي. وهذا هو هدف اسرائيل. وما يؤكد هذه العلاقة ان المشافي الاسرائيلية والمعسكرات الاسرائيلية تحتوي على عناصر كثيرة من تنظيم داعش والنصرة وغيرها من العصابات المسلحة التي تقاتل في سورية. ويعلم الجميع ان الارهابي نتنياهو قام شخصيا بزيارة بعض الارهابيين الذين نقلتهم اسرائيل إلى المشافي الاسرائيلية وشد على أيديهم.. هذا ناهيك عن دعم هذه العصابات بالسلاح والمعلومات الهامة.
إزاء كل هذا لابد من فضح هذا الإرهاب التكفيري الوهابي البغيض الذي يهدف إلى تمزيق الأمة العربية وتفتيت دولها وتحويلها إلى دول فاشلة تنشد التبعية لأمريكا وللغرب ولاسرائيل وفضح وتعرية الدول العربية التي تمولها وتدعمها بأوامر من واشنطن والعواصم الغربية الحليفة لها وتركيا.
إن المعركة ضد هذا الفكر التدميري المتطرف معركة هامة وطويلة وأول ما تتطلبه وتقتضيه ادراك أبعادها ومخاطرها وتأثيراتها المدمرة على المديين القريب والبعيد وطبيعة الأيادي الخفية التي تحركها من خلف الستار في الوقت الذي يدعي فيه أصحاب هذه الأيدي أنهم يحاربون الإرهاب.
 

*د.صياح عزام
‏04‏/11‏/2014
 


مشاركة :
طباعة