الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

الأخبار » أخبار الاقتصاد

الصفحة السابقة »

تأثير العوامل الجيوسياسية في الأسواق

2014-11-04 23:01:19

لقد ضعف نمو الطلب العالمي على النفط واستمرت الإمدادات في الارتفاع. كما أن حالة "الكونتانغو" لعقود خام برنت، أي أن أسعار العقود المستقبلية (الآجلة) أعلى من الأسعار الفورية، حفزت المتداولين على الشراء الآن، مما أدى إلى ارتفاع المخزون التجاري. بالفعل لقد استجابت الأسواق لهذه العوامل الهبوطية، حيث تم تداول خام برنت دون 94 دولارا للبرميل حتى ساعة كتابة هذا المقال، وهو الآن 20 دولارا للبرميل أقل من الذروة التي وصلها في شهر حزيران الماضي. المؤشرات في الأسواق، بما فيها الانخفاض الحاد في صفقات الشراء من قبل المضاربين، توحي بأن الأسواق يمكن أن تشهد المزيد من الانخفاض .
لقد فقدت العوامل الجيوسياسة التي كانت تدعم الأسعار بريقها وتأثيرها في الأسواق. على الرغم من أن الإرهاب يعصف بمناطق عدة في العراق والمنطقة، إلا أن الصادرات من حقول النفط العملاقة في الجنوب لم تتأثر. الشيء نفسه ينطبق على ليبيا أيضا في الوقت الراهن، حيث يستمر النفط الليبي بالتدفق على الرغم من الحرب التي تعصف بالبلاد. بالفعل استوعبت الأسواق هذه المخاطر، واستمرت أسعار النفط في التراجع .
على جانب العرض، ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة قد حيد من تأثير الانقطاعات في البلدان المضطربة. في هذا الجانب تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الولايات المتحدة أضافت نحو 1.3 مليون برميل في اليوم من الإمدادات في 12 شهرا حتى حزيران الماضي، أي ما يعادل تقريبا الإنتاج الليبي قبل الحرب. وأظهر تقرير صدر أخيرا عن بنك سيتي كروب أنه منذ شهر كانون الثاني من عام 2011 تعطلت نحو 3.0 ملايين برميل في اليوم من الإمدادات. لكن نمو العرض في الفترة نفسها من خارج دول منظمة أوبك عوضت أكثر من ذلك.
إن وضع الأسواق الحالي يمثل معضلة كبيرة لمنظمة أوبك. والوضع ازداد سوءا في الشهر الماضي، عندما قامت المنظمة بخفض توقعات الطلب على نفطها لهذا العام بنحو 200 ألف برميل في اليوم إلى 29.5 مليون برميل في اليوم. وأشارت إلى أن الطلب على نفطها سوف ينخفض في العام القادم إلى 29.2 مليون برميل في اليوم .
على جانب الطلب الإشارات ليست مشجعة أيضا. حيث تتوقع "أوبك" أن يرتفع الاستهلاك العالمي هذا العام بنحو 1.05 مليون برميل في اليوم وفي العام المقبل بنحو 1.19 مليون برميل في اليوم. في حين تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب العالمي بنحو 900 آلف برميل في اليوم هذا العام و1.2 مليون برميل في اليوم في عام 2015.
تلك التوقعات كلها أقل بكثير من معدلات نمو الطلب العالمي التي شهدها العقد الأول من هذا القرن. وقد تعمدت كلتا المنظمتين إلى خفض توقعاتهما مرة أخرى لاحقا هذا العام. في هذا الجانب يشير بعض المحللين إلى أن نمو الطلب العالمي في عام 2014 قد يكون قرب 500 ألف برميل في اليوم فقط. سوف يتوقف الكثير على الربع الرابع، حيث يفترض أن يرتفع الطلب على النفط في فصل الشتاء.
لكن، لو ننظر عن كثب في توقعات الطلب لوكالة الطاقة الدولية سوف نلاحظ بأن الوضع أكثر حرجا من مجرد الخفض الأخير في توقعات الاستهلاك العالمي. حيث تشير أرقام الوكالة إلى أن الطلب العالمي على النفط ارتفع بين الربع الأول والثاني من العام الماضي بنحو 600 ألف برميل في اليوم، في حين لم يكن هناك أي نمو على الإطلاق في الفترة نفسها من هذا العام. وبين الربعين الثاني والرابع من عام 2013، ارتفع الطلب بنحو 1.6 مليون برميل في اليوم. لكن على الرغم من ضعف الطلب على النفط في الصين، وهشاشة الاقتصاد في منطقة اليورو، وتوقع قيام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته بخصوص النمو الاقتصادي العالمي، تتوقع الوكالة الآن أن يرتفع الطلب بين الربعين الثاني والرابع من هذا العام بنحو 2.3 مليون برميل في اليوم. يجب التعامل مع هذه التوقعات بحذر شديد.
وفي كل الأحوال، هذا الأمر سوف يتضح بصورة جلية في الربع الرابع. إذا لم يرتفع الطلب بأسرع مما تتوقع وكالة الطاقة الدولية من الآن وحتى نهاية العام، ليساعد في خفض بعض المخزون النفطي، سوف تفقد أسواق النفط العالمية توازنها، ما قد يضع المزيد من الضغوط على الأسعار.
في الواقع، تتوقع "أوبك" أن ترتفع الإمدادات من خارج دول المنظمة وحدها بنحو 560 ألف برميل في اليوم في الربع الرابع.
المشكلة بالنسبة إلى "أوبك" هي أنها لا تستطيع أن تفعل الكثير حيال هذا الوضع. النفط من مصادر الصخر الزيتي قد أثر بالفعل في بعض دول المنظمة، حيث أزاح خامات غرب إفريقيا من أسواق الولايات المتحدة وأجبر المنتجين في منطقة الخليج على التركيز على الأسواق الآسيوية. لكن نمو الاستهلاك الآسيوي ليس كما كان عليه في السابق. في هذا الجانب تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن نمو الطلب في الصين بالكاد سوف يرتفع بنسبة 2 في المائة في هذا العام، في حين أن الاستهلاك في اليابان كان في شهر تموز أقل من العام الماضي بنحو 10 في المائة .
كلما استمر هذا الوضع لفترة أطول، كان ذلك أفضل بالنسبة للمنتجين من خارج المنظمة وهذا التحول في ديناميكية الأسواق سوف يصبح أكثر وضوحا. حيث تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن تضيف الولايات المتحدة وحدها نحو 3.0 ملايين برميل في اليوم بين عامي 2013 و2019. يجب أيضا ألا ننسى كندا، بحلول عام 2018 من المتوقع أن يبدأ وصول نحو 1.1 مليون برميل في اليوم من نفط خام الرمال النفطية إلى حوض الأطلسي عبر خط أنابيب جديد، ما قد يزيح المزيد من نفط غرب إفريقيا وينافس "أوبك" في أوروبا وآسيا.
هذا الارتفاع في الإمدادات من خارج دول "أوبك" سوف يلبي أي نمو متوقع  في الطلب على النفط على المدى المتوسط، إن الحقبة الطويلة من قوة أسعار النفط قد وضعت حدا للنمو القوي للطلب. بالفعل التحول من النفط إلى الغاز في بعض القطاعات، الاقتصاد في استهلاك الوقود في السيارات، سياسات الدول المستهلكة، والتغيرات التي طرأت على سلوك استهلاك النفط عملت جميعها على كبح جماح نمو الطلب على النفط.

 


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك