الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

هل تكون التشاركية الحل الأمثل لمشكلات شركات الصناعات الغذائية المتعثرة ؟

2019-09-22 09:12:02

ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن خطة أو برنامج عمل أو ما يندرج تحت هذه التسمية، بخصوص معالجة واقع الصناعات الغذائية وتقديم ما يلزم للشركات وللزراعات الصناعية لتنشيط هذا القطاع الهام وإعطائه الدفعة اللازمة للإقلاع بثبات وبما يحقق خطوات ناجحة تؤمن توفر المواد الغذائية المصنعة محلياً في الأسواق، وتضمن تصريف منتجات الفلاحين وتشغل يد عاملة وتخفف من حجم الحاجة للاستيراد و... وهنا نقول إنه ورغم اختلاف التسمية بما يخص خطة تطوير الصناعات الغذائية في القطاع العام (مؤسسة الصناعات الغذائية وشركاتها) إلا أن التفاصيل بقيت واحدة فيما يتعلق بالصعوبات والعقبات التي تواجه هذا القطاع، فهي لم تختلف من سنوات، وربما زادت وتنوعت، إلى جانب أن الاحتياجات المطلوبة للحل هي نفسها رغم كما قلنا اختلاف التسمية، فمن نقاط الضعف التي تم تسجيلها في هذا السياق يتجدد الحديث عن التشريعات غير المرنة والروتين الإداري الذي يحكم دورة عمل الشركات وعلاقتها بالمؤسسة ومن ثم بوزارة الصناعة وتالياً برئاسة الحكومة والتي تشكل واحداً من أهم أسباب إطالة دورة العمل بالتالي فقدان أهم عامل من عوامل المنافسة مع القطاع الخاص الذي يتمتع بمرونة عالية جداً في العمل، وهنا يمكن الحديث عن محدودية صلاحيات الإدارات في تحفيز العمال بما ينعكس على جودة العمل والإنتاج كماً ونوعاً، وهذا تفصيل هام جداً تواجهه معظم شركات القطاع العام الصناعي وغير الصناعي..إلى جانب النقص في الكوادر الفنية والمهنية ذات الكفاءة والمهارة وعموماً النقص باليد العاملة. وكذلك لجوء بعض أصحاب الأعمال في القطاع الخاص إلى التلاعب في المواصفات والكميات في ضوء عدم القدرة على ضبط كل التجاوزات في هذا المجال، وكذلك موضوع التهرب الضريبي أيضاً والذي يخفف من تكاليف القطاع الخاص وبالتالي يعطيه هامش أوسع للمنافسة في الأسواق المحلية، فيما تجد منتجات القطاع العام الغذائي صعوبة في النفاذ إلى المستهلك أمام هذه الفورة الإنتاجية من القطاع الخاص وعدم القدرة على المنافسة بالسعر أو بالانتشار، وهنا نجد ضعف في عامل التسويق والترويج لمنتجات القطاع العام فيما هذا الأمر محقق لدى القطاع الخاص الذي ينفق على الإعلان والترويج بكثافة ويخصص ميزانيات لهذا الأمر، فيما تعجز بعض شركات القطاع العام عن زيادة ميزانية الإعلان عن السقف المخصص لها والذي لا يمكن قياسه بمخصصات الدعاية والإعلان في القطاع الخاص.. كذلك وبحسب ما تحدثت به المؤسسة العامة للصناعات الغذائية فإن التسعير الإداري للمحاصيل الزراعية المعمول به حالياً له تأثير على تنافسية المنتج، لأنه يرفع من تكاليف الإنتاج... الحديث اليوم يتجه نحو الربط بين الخطة الزراعية والخطة الصناعية لإنتاج خارطة غذائية تضم الصناعات الغذائية بأنواعها، وفي هذا السياق يتجدد الحديث أيضاً عن مساع تهدف للوصول إلى إنتاج صناعات زراعية تتمتع بتنافسية عالية وقدرة على النفاذ إلى الأسواق المحلية والخارجية من خلال ما تتمتع به من جودة وسعر مناسبين...وهذا سيكون من خلال برامج عمل وخطط ومشاريع، ولنا هنا أن نتذكر أن مذكرات عديدة وخطط ومشاريع تم إعدادها خلال السنوات السابقة بهدف النهوض بواقع الصناعات الغذائية في القطاع العام، وإلى الآن لم ترى النور، واليوم نعود لنسمع عن مقترحات لخطط وبرامج وآليات جديدة ورؤى ودراسات ستعد ومذكرات وورقيات جديدة وموافقات و....!!! ولعل المتابع لهذا الجانب يلاحظ أن الخطوط العامة والعريضة لمختلف تلك الدراسات والمقترحات وبرامج العمل والخرائط و....واحدة وان اختلفت التفاصيل، ذلك أن واقع حال تلك الشركات لم يتغير إن لم نقل أنه بعضها ازداد سوءاً بفعل سنوات الحرب العدوانية على سورية والاعتداءات الإرهابية التي طالت عدد كبير من شركات ومؤسسات القطاع العام الصناعي وغير الصناعي.. الأمر لا يحتاج إلى الكثير من المصفوفات والدراسات والتعمق ذلك أن ما هو باد للعيان يحتاج فقط إلى مرونة بالقرار وسرعة بالتنفيذ، لكن المشكلة الأساسية تكمن في التمويل، ذلك أن أهم خطوة هنا تتمثل بجانب خطوط الإنتاج والآلات وخاصة تلك التي طالها الإرهاب، إلى جانب تجديد الجزء المتبقي لمواكبة ما هو حاصل من تطور في القطاع الخاص وفي العالم، وهذا يحتاج إلى تمويل وإنفاق ليس بالقليل، وميزانيات ضخمة قد لا تتوفر حالياً ضمن الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد. وما تبقى من مشكلات يمكن أن تعالج في ضوء توافر الإرادة الجدية التي تسير في هذا الاتجاه، فيما يتعلق بالتشريعات والقوانين والتعليمات وغيرها، وهذه كلها يمكن تعديلها وتجاوزها والانتقال إلى نصوص قانونية تعطي المرونة الكافية للإدارات في الإنفاق والتعاقد والتحفيز والشراء والبيع و... ذلك أن عمل تلك الشركات يندرج تحت بند النشاط الصناعي التجاري، وبالتالي هذا النشاط إذا بقي محكوماً بقيود روتينية لن يؤدي الغرض ولن يحقق الأهداف المروجة وستبقى تلك الشركات تدور في دوائر مغلقة وستبقى غير قادرة على تجاوز مشكلاتها وربما ستجد نفسها أمام عقبات جديدة .. وبالنظر إلى ما هو مطروح من مقترحات لتنشيط هذا القطاع، من مزايا وإعفاءات ضريبية وجمركية وفوائد ورسوم وغيرها ومنح قروض بفوائد مخفضة وبمدة سماح لمن يود الاستثمار في هذا المجال من القطاع الخاص، نجد سؤالاً كبيراً هنا، لماذا لم يتم منح تلك التسهيلات والمزايا والإعفاءات للقطاع العام ليتمكن من ترميم نفسه وإعادة النهوض بواقع آلاته ومعداته وخطوط إنتاجه، ليمتلك زمام المبادرة والحل لمشكلاته المزمنة...؟ إن أية صيغة للتشاركية وللاستثمار في شركات القطاع العام من قبل أصحاب رؤوس الأموال يجب أن تراعي عدم التفريط بملكية القطاع العام لأدوات الإنتاج وأن تراعي مصالح العاملين وحقوقهم. محمود ديبو جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك