الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

القطاع الصناعي في مرمى الاهتمام

2018-11-12 11:40:52

تتزاحم الأفكار والطروحات والمقترحات على طاولات المؤتمرات وورش العمل وجميعها تحمل في طياتها آمالاً بانفراجات على مختلف المستويات، بحسب نوع وطبيعة المؤتمر أو ورشة العمل أو غيرها من التسميات التي يتم التعبير عنها لمثل هذه الفعاليات واللقاءات.
واليوم يتجدد الأمل بإنعاش القطاع الصناعي من خلال جملة من الرؤى التي تنطلق من الأمر الواقع الذي وصلت إليه الأمور بعد سنوات الحرب العدوانية الثمان على سورية والتي طالت الكثير من جوانب الحياة الاقتصادية بالدمار والتخريب والسرقة والنهب وغيرها، وكان أن تعرضت الصناعة المحلية بمجمل تفاصيلها إلى هذا الاعتداء والعدوان، إلى درجة تعثرت فيها مئات المنشآت إن لم نقل الآلاف وتوقف الإنتاج وضاعت معها فرص كبيرة لدعم الاقتصاد الوطني..
هذه الرؤى وتلك التطلعات تم طرحها على طاولة المؤتمر الصناعي الثالث الذي أقيم في مدينة حلب، بحضور رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة والوزراء المعنيين، وجالت الأفكار ودارت حول ما يمكن تقديمه لهذا القطاع ليعود للنهوض من جديد ويتحمل مسؤولياته في المساهمة بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتأمين احتياجات الأسواق المحلية والوصول بالمنتج المحلي إلى الأسواق الخارجية عبر تأمين آليات تصدير تنكسر فيها إجراءات الحصار والحظر الجائر المفروض على سورية من قبل دول العدوان.
كل الذين شاركوا في المؤتمر نقلوا همومهم وتطلعاتهم، وتحدثوا عن الكثير من الحالات التي تتطلب حلولاً خاصة لمعالجتها.

رسائل وإشارات
ولعل انعقاد المؤتمر الصناعي الثالث في المكان والزمان، يحمل رسائل واضحة تتحدث عن عودة الحياة بعد انقطاع دام عشر سنوات مضت على انعقاد المؤتمر الصناعي، وأهمية حلب كعاصمة للصناعة السورية، وهي إشارة مهمة من الحكومة في تأكيد عزمها على المباشرة في المعالجة، والانتقال إلى مرحلة الإنتاج بقوة أكثر، لما في ذلك من آثار إيجابية ستنعكس نتائجها تدريجياً على الأسواق والأسعار، وبالتالي على الدورة الاقتصادية بشكل عام التي ستشهد نشاطاً وتطوراً في قادم الأيام.

تطلعات صناعية
وفي ضوء ذلك صاغ الصناعيون رؤيتهم للمعالجة ضمن جملة من المقترحات كان أهمها العمل على إصدار تشريع خاص بالمناطق الإنتاجية المتضررة لتحفيزها على التعافي والعودة للعمل، بالتزامن مع إصدار قانون استثمار عصري ومناسب، وتحفيز الإقراض وتخفيض كلفه إلى الحد الأدنى مع تأسيس حزمة تمويلية تشجيعية خاصة بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإلغاء الغرامات والفوائد التي تجاوزت أصل الدين وبما يخالف القانون وربط ذلك بجدية العمل والاستثمار، وتقديم دعم أكبر للتصدير وتشميل المنتجات ذات القيمة المضافة، وتشجيع إقامة المعارض التخصصية والعامة بشكل جماعي، واستكمال إعادة تأهيل كل المدن والمناطق الصناعية أينما وجدت والحفاظ عليها وإنجاز مدينة صناعية جديدة في حماة، ومنطقة صناعية أخرى في إدلب بعد تحريرها من الإرهاب، وتحفيز الاستثمار الصناعي في الساحل وفي الجنوب والعمل على تأسيس حدائق تقنية ومراكز ابتكار في كل المناطق الصناعية مع تركيز الاهتمام على العناقيد الصناعية المتكاملة، وتأسيس المركز الوطني للرقابة على المستوردات والصادرات وربطه بالمخابر الوطنية ومراكز الاختبارات والأبحاث.

تكافؤ الفرص
كما دعا الصناعيون عبر ورقة العمل التي تقدم بها المهندس فارس الشهابي رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية إلى استكمال إجراءات الحماية الذكية والتحفيزية لكل ما ينتج أو يمكن إنتاجه محلياً وفق المعايير العالمية، دون الدعوة للحماية الغبية العمياء، بما يعطي المصانع والمنشآت فرصاً متكافئة مع المصانع الأجنبية، والتركيز هنا على الصناعات النسيجية بكافة مراحلها التي طالها الكثير من الدمار والتخريب.. ومحاربة التهريب عبر المعابر المختلفة لمنتجات تصنع محلياً وخاصة الألبسة والأقمشة والمنتجات الغذائية، واستكمال إصلاح البنية التحتية للطاقة، والاهتمام بتأهيل وتدريب الكوادر الشابة عبر ربط المؤسسات التعليمية بسوق العمل والتركيز على التدريب المهني داخل المعامل كشرط للتخرج، والاستفادة من موقع سورية الجغرافي الاستراتيجي، وتفعيل التشاركية بين جناحي الاقتصاد الوطني العام والخاص للنهوض معاً بالمشاريع الكبرى والهامة والحساسة.

فرص تصديرية
وبالنظر إلى ربط الإنتاج بالتصدير فقد شارك القائمون على قطاع التصدير في المؤتمر وتحدث محمد السواح رئيس اتحاد المصدرين السوريين داعياً إلى تقديم كل الدعم لهذا القطاع الذي يضمن تصريف المنتجات المحلية في الأسواق الخارجية، من خلال تخفيض تكاليف التصدير وتأمين جانب التحويلات المالية في ضوء الحصار الاقتصادي المفروض على سورية، وفرض العقوبات على المصارف الخارجية التي تجري تعاملات مع المصارف السورية.
وقال السواح إن المؤتمر الصناعي الثالث كان بمثابة منصة لدراسة جميع المعوقات التي تعترض العمل الصناعي والتجاري ومن أهمها التصدير، وقد قدمنا رؤيتنا على طاولة المؤتمر التي تضمنت الصعوبات والعقبات التي تواجه عملية التصدير في سورية والمتمثلة بالتحويلات المالية وتمويل الصادرات ودعم الشحن وتكاليف التعبئة والتغليف، إلى جانب وضع مقترحات الحلول لمعالجة هذا الواقع الذي يؤثر سلباً على قطاع التصدير ويحد من القدرة على إيصال المنتجات السورية إلى الأسواق الخارجية.

الصناعة لم ولن تتوقف
بدوره قال أكرم قتوت رئيس رابطة المصدرين السوريين للألبسة والنسيج إن الصناعة السورية لم ولن تتوقف رغم ما عانته خلال سنوات الحرب العدوانية على سورية، لافتاً إلى أهمية وضع مشكلات الصناعة والصعوبات التي تواجهها على طاولة البحث وقراءة الواقع بتفاصيله الدقيقة، بما يسمح بوضع الحلول المناسبة والانطلاق نحو مرحلة تشهد فيها الصناعة الوطنية نشاطاً وتجدداً بعد سنوات الحرب التي أدت إلى توقف عدد كبير من المنشآت.. معتبراً أن جلسات المؤتمر شهدت طروحات شفافة وضرورية لمواجهة كل ما يعيق الصناعة المحلية ويؤخر حركتها، ويفتح الباب واسعاً نحو آفاق جديدة ومريحة وكان للحضور الحكومي أثراً في تعزيز الأمل بسرعة الاستجابة وتحويل تلك المقترحات إلى قرارات قابلة للتطبيق والتنفيذ بما يخدم الهدف المراد منه النهوض بالصناعة وتطويرها.
واعتبر أنس طرابلسي أمين سر رابطة المصدرين السوريين للألبسة والنسيج أن مجمل الطروحات والمقترحات التي تقدمت خلال جلسات المؤتمر من شأنها أن تساعد في دعم الصناعيين في إعادة تأهيل منشآتهم والإقلاع بها، ليعودوا منتجين بامتياز ومصدرين بكل جدارة، وقد خلق التعاون من قبل الحكومة حالة إيجابية انعكست على لقاءات المؤتمر، لافتاً إلى التوصية الهامة التي تم اعتمادها والمتمثلة بإنشاء مناطق صناعية مصغرة في عدة مناطق تتناسب مع متطلبات المشاريع الصناعية، إلى جانب التوصية المتعلقة بمحور التأمينات الاجتماعية ومحور الطاقة والمالية والمصارف و...

مصلحة وطنية
على العموم فقد خرج الصناعيون والمنتجون بجرعة أمل كبيرة من أروقة المؤتمر بالنظر إلى حجم التجاوب الذي لمسوه من الحكومة باعتبار أن ما تم طرحه يمثل مصلحة وطنية عامة تتجلى بإعادة دوران عجلة الصناعة السورية، ما يعني الكثير من الجوانب الإيجابية المرتبطة بتأمين فرص عمل وتحريك الأسواق وباقي المهن المرتبطة بالصناعة من نقل وتجارة جملة ونصف جملة ومفرق وطباعة وتغليف و...الخ.
ويبقى الأمل معلقاً بانتظار المهلة التي حددتها الحكومة بعام كامل لدراسة جملة المقترحات والتوصيات واستصدار ما يمكن أن يحقق المصلحة الكاملة للجميع، وتحقيق خطوة متقدمة على طريق إعادة الألق للإنتاج المحلي الصناعي بكل مجالاته، بما يسهم في تعافي الاقتصاد الوطني ووضعه على المسار الصحيح.
محمود ديبو

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك