الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

زيادة صامتة على أسعار الدواء ترهق جيوب المواطنين وتدفع باتجاه البحث عن مبررات...!!!

2018-05-13 07:40:21

عاد الحديث عن الدواء وشجونه ليتجدد مرة أخرى مطلع الشهر الماضي بعد الزيادة الجديدة على الأسعار التي تمت بصمت وبهدوء ليشعر المستهلك أنه أمام استحقاق مالي يضاف إلى ما يترتب عليه من استحقاقات معيشية باتت تشكل تهديداً حقيقياً لوجوده واستمراره في ضوء هزالة الدخل وخاصة لشريحة محدودي الدخل الذين يعانون من ضعف القدرة الشرائية لرواتبهم الشهرية أمام الأسعار المرتفعة لكل السلع والخدمات، وهو الأمر الذي بات معروفاً، والذي أصبح الهم المعيشي الأول لهذه الشريحة التي تشكل بمجموعها الحامل الاجتماعي والحامل المنتج في مختلف مواقع العمل الإداري والإنتاجي والخدمي.
وبالعودة للحديث عن الدواء وأسعاره التي تتزايد بشكل مستمر منذ حوالي عامين تقريباً بعد أول زيادة طرأت والتي كانت بنسبة 50%، بعد مطالبات حثيثة من أصحاب معامل الدواء في سورية بضرورة إعادة النظر بالتسعيرة التي كان معمول بها حينذاك والتي لم تعد تسمح لهم بالاستمرار بالإنتاج في ضوء التغيرات الحادة التي كان يشهدها سعر صرف الدولار أمام الليرة، والقفزات النوعية التي وصل إليها، وبعد أن بدأت أصناف عديدة من الأدوية المنتجة محلياً تختفي من الصيدليات بسبب التوقف عن إنتاجها، أو ربما التوقف عن طرحها في الأسواق ريثما يتم النظر بالسعر.
ولعل هذا الأمر أتاح الفرصة للمستوردين لإدخال البدائل إلى الأسواق المحلية استيراداً وطرحها وبأسعار مرتفعة في محاولة لكسب السبق وتحقيق نسب أرباح مرتفعة نتيجة لتعطش السوق وللحاجة الماسة لها في غياب البديل المحلي.
المواطن أثار دهشته قيام الصيادلة بوضع التسعيرة على علب الدواء بعد شطب التسعيرة المثبتة عليها والمطبوعة، وهو الذي لم يسمع عن صدور تسعيرة جديدة للدواء مؤخراً من قبل وزارة الصحة، هذا ما دفعه للتشكيك بمصداقية الصيادلة وقيامهم بالتلاعب بالأسعار، إلا أن نقابة الصيادلة في حينها أوضحت أن بعض الأدوية المتواجدة لدى الصيادلة كانت موجودة قبل صدور التسعيرة الجديدة، وبالتالي فإن وضع السعر من قبل الصيدلي هو أمر طبيعي لكن ليس بهذه الطريقة، وكان من المفروض أن يلتزم بوضع لصاقة جديدة فوق السعر القديم بحيث لا يثير ريبة المواطن ويزعزع ثقته بأن التلاعب بالأسعار وصل حتى إلى الصيادلة والصيدليات من خلال تغيير سعر الدواء كما يحلو لهم هكذا باعتقاده.!!
وبغض النظر عن هذه التفاصيل فإن السؤال الأهم الذي يستحق الطرح هنا هو ما هو مبرر الاستمرار برفع أسعار الأدوية بهذا الشكل من حين لآخر، في وقت لم تعد المبررات السابقة موجودة وأهمها مسألة تغير سعر الصرف الذي تراجع بشكل ملحوظ عن الفترة السابقة، وبالتالي كان من المتوقع أن تتراجع الأسعار لا أن ترتفع مجدداً.
وزارة الصحة وعبر تصريحاتها المستمرة كانت تؤكد دائماً على أن هذا الإجراء مرتبط بحرص الحكومة على استمرار توفير الدواء محلياً ودعم المنتجين وأصحاب المعامل ليبقى الدواء حاضراً في الصيدليات بما يلبي حاجة المواطنين ويخفف من الحاجة إلى الدواء المستورد والذي يباع بأسعار تفوق الدواء المحلي بأضعاف.
لكن ورغم كل ذلك لم يعد مفهوماً وجود أدوية مهربة يتم التصريح عن ضبطها من حين لآخر رغم السماح بالاستيراد ورغم دعم المنتجين وتلبية طلباتهم المستمرة برفع أسعار الدواء لتغطية تكاليف الإنتاج وتحقيق الأرباح التي تضمن استمرار العمل.
أحد أصحاب مستودعات الأدوية قال إن الدواء هو أحد أهم السلع التي يحتاجها الإنسان والتي لا يمكنه الاستغناء عنها، ومن هنا نجد أن صناعة وتجارة الدواء تعتبر الثانية عالمياً، وهي تدر أرباحاً هائلة على أصحاب المعامل الذين يوظفون رؤوس أموال ضخمة في هذه الصناعة تقدر بالمليارات، وليس لنا أن نصدق لجوء البعض للقول بأن هناك خسائر تهدد صناعتهم فهم يحققون أرباحاً كبيرة، وبالدرجة الثانية يأتي أصحاب مستودعات الأدوية ثم بعد ذلك الصيادلة والكل يربح ويحقق عائدات مجزية بالنظر إلى حجم رأس المال الموظف في هذه العملية. مبيناً أن أصحاب المعامل استفادوا بشكل كبير وحققوا أرباحاً طائلة بعد الزيادة الأولى التي طرأت على الأسعار والتي جاءت بنسبة 50% على جميع الأصناف والأنواع الدوائية بدون استثناء، في حين أن الهدف الأساسي منها توفير عدد من الأصناف الدوائية التي تعثر إنتاجها بسبب ارتفاع تكاليفها وعدم قدرة المنتجين على تأمين المواد الأولية وباقي المستلزمات، وهنا وجدنا أن الأدوية المطلوبة لم تتوفر، وإنما ذهب أصحاب المعامل إلى إنتاج الأدوية التي تحقق لهم أرباحاً إضافية بالتزامن مع رفع التسعيرة، حيث أن تلك الأصناف بالأساس لم تكن خاسرة وبقيت تحقق لهم أرباحاً وجاءت زيادة الأسعار لتزيد من نسب أرباحهم بشكل كبير دون أن ينعكس ذلك بشكل واضح على توفير الأصناف الدوائية المطلوبة التي شهدت ندرة في الصيدليات مع استمرار الطلب عليها.
وحول تراشق الاتهامات بين بعض الصيادلة وأصحاب مستودعات تجارة الأدوية بخصوص احتكار الدواء طمعاً بالاستفادة من هامش ربح إضافي بين محدثنا أن صاحب المستودع ليس له مصلحة باحتكار الدواء لديه، خاصة وأن الكميات التي يحصل عليها من بعض شركات الأدوية بالكاد تغطي الطلب عليها وهنا نتحدث عن الأدوية التي تشهد طلباً من قبل المواطنين، والتي يجب أن تبقى متوافرة في الصيدليات، وبالتالي لا يمكن لصاحب المستودع أن يحتكر دواء، حتى أنه يتعرض للمساءلة من قبل صاحب المعمل فهو يبيع الدواء للمستودعات وبالتالي يعرف الكميات المباعة وحاجة السوق ويمكنه أن يقدر إن كان هناك احتكار أم لا..
وبالنظر إلى ارتفاع الأسعار فإن أي احتكار للدواء لن يكون ذا جدوى لأن صاحب المستودع إذا أراد شراء كميات كبيرة من الدواء وتخزينها فإنه يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة ثمن هذا الدواء وبالتالي سيجمد كتلة مالية كبيرة لمدة زمنية قد تطول دون أن يصدر أي تعديل جديد للأسعار وبالتالي تكون خسارته أكبر من حجم الأرباح التي سيجنيها من احتكار الدواء حتى لو كانت كبيرة..!!
بالمقابل بعض الصيادلة وأصحاب مستودعات بيع الأدوية أشاروا إلى أن هناك بعض الشركات المنتجة للدواء تقوم بتحميل دواء على دواء آخر لدى بيعه للمستودعات، وذلك بالنظر إلى أن بعض الأدوية يكون الطلب عليها قليلا وهنا يتحمل صاحب المستودع هذا التحميل ويعكسه على الصيدليات وبالنهاية المستهلك هو الذي يتحمل كل هذه الأعباء المالية حيث سيضطر لشراء الدواء بسعر أعلى لأن صاحب المعمل قام بتحميله دواء آخر غير رائج.
إذاً هناك بعض الخفايا والتفاصيل التي تشهدها سوق الدواء دائماً تكون نتائجها لصالح اللاعبين الرئيسيين وهم أصحاب المعامل وأصحاب المستودعات والصيادلة، فيما يبقى المواطن هو الخاسر الوحيد وهو الذي عليه أن يدفع فروقات الأسعار مهما ارتفعت وتحت مختلف الذرائع والحجج التي يتم الإعلان عنها لتبرير تلك الزيادات بالأسعار.
محمود ديبو
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك