الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

الحرف اليدوية إرث مهدد بالزوال

2018-04-26 09:05:13

كانت تعج البلاد بها، بل كانت بؤرة لتجمعها... لكن ومع تثاقل سنوات الأزمة على كل مفصل من مفاصل بلدنا، بدأت الحرف اليدوية تتلاشى شيئاً فشيئاً، فلم تعد أسواق دمشق القديمة تعج بها كالسابق بعد أن أغلقت معظم الورش والمحال أبوابها معلنة الهجرة إلى بلد آخر لتنتقل هذه الحرف المعهودة إلى هناك ، وبعد أن تعرض القسم الآخر من هذه المحال إلى الدمار والتخريب ليبقى الحرفي رهينة أي عمل آخر يسد له رمق العيش.

انحسار للحرف
لا شك أن الحرف اليدوية التقليدية باتت تشهد انحساراً وضموراً كبيرين بسبب ارتفاع الأسعار وندرة المواد الأولية وغياب السياحة، ففي مشغل صغير للمنتجات الخشبية يعمل عشرة عمال بدخل ضئيل، بسبب الانقطاع الكبير للكهرباء والذي يعيق العمل ويحد من كمية الإنتاج، ولم يكن حال صناعيي الغرابيل والنحاسيات أفضل حالاً فالإقبال حسب كلامهم قليل جداً بسبب غياب السياحة أولاً حيث كان السياح يقبلون على شراء منتجاتنا كتذكارات، إضافة إلى لانخفاض كبير في اليد العاملة التي تمتلك الخبرة في العمل والتي احتاج الحرفي إلى سنوات كثيرة لاكتساب تلك المهارات ويأتي ذلك الانخفاض أيضاً بسبب هجرتها إلى الخارج طمعاً بارتفاع أجورهم هناك في ظل عدم القدرة على تأمين تلك الأجور هنا اليوم بسبب انعدام وجود أسواق لتصريف المنتجات الحرفية، ولا ننسى أيضا موجة الغلاء والظروف الاقتصادية الصعبة التي تجتاح البلاد التي جعلت من المواد الأولية التي تحتاجها تلك الحرف صعبة التأمين.

تفعيل دورهم
بالتأكيد الأزمة انعكست سلباً على واقع العمل والإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية ومن ضمنها الجمعيات الحرفية وعلى اعتبار القطاع الحرفي جزءاً مهماً من المكون الاقتصادي فمن الضرورة بمكان أن يعامل أسوة بغيره من القطاعات الأخرى، فوجود مشروعات استثمارية كبيرة وصناعية كبيرة لا يكفي للاقتصاد الوطني بل يتطلب أعمالا حرفية فهناك علاقة بين تطور الصناعات والمشاريع الاستثمارية بمختلف أشكالها وبين تطور ونهوض الحرف اليدوية، لذا لا بد من إصدار قرارات تخص القروض الممنوحة للحرفيين وأهمية تفعيل دور الحرفيين من خلال منح منشآتهم الموجودة في المدن تراخيص إدارية مؤقتة لحين نقلهم إلى داخل المناطق الحرفية بالمحافظات المقترح إنشاؤها مستقبلاً وبذلك تكون الحكومة عبر تلك الإجراءات قد وفرت البيئة الخصبة والمناسبة لعملية الإنتاج وبالتالي مضاعفة مساهمتها بالناتج المحلي.‏

جهود مستمرة
القطاع الحرفي يدخل في صلب العملية الاقتصادية حيث كانت  تبلغ مساهمته بالناتج المحلي إلى حدود 60٪ نظراً لانتشار الحرف على كامل المساحة ووجود آلاف المشتغلين في الورشات حسب ما ذكره رئيس الاتحاد العام للحرفيين ياسين السيد حسن، فاتحاد الحرفيين يملك حوالي 140 ألف حرفي منسب للاتحاد وحوالي 300 ألف غير منسب له، والتنظيم الحرفي يعتبر من أهم روافد الاقتصاد الوطني لما يقدمه الحرفيون من خدمات مهنية ومنتجات حرفية وله أهمية في إعادة البناء وإعادة عجلة الإنتاج للدوران وإحياء المنشآت المتوقفة، فاليد الحرفية تدخل في جميع أعمال البناء العمراني والسكني وأيضا في بناء الصناعات الصغيرة والمتوسطة وبناء عليه فإن سياسة الاتحاد العام للحرفين تتركز في المرحلة القادمة وحاليا على المساهمة في إعادة الإعمار والبناء فنحن من الآن نقوم بالعمل على إزالة الأنقاض وطحنها للاستفادة منها في عملية البناء وذلك عن طريق جمعياتنا لتكسير الأحجار بالتعاون مع وزارة الأشغال، ويأتي تقديم التسهيلات بالتعاون مع الحكومة لإعادة الأيدي الحرفية المبدعة والتي اضطرت للهجرة إلى خارج البلاد نتيجة تعرض منشآتهم للسرقة والتدمير من قبل العصابات الإرهابية المسلحة أو نتيجة الإغراءات التي قدمت لهم لسرقة حرفنا التراثية والتقليدية في مقدمة خطة عمل الاتحاد، لذا نقوم اليوم بتأمين مناطق بديلة لإقامة المنشآت والحواضن الحرفية وتأمين القروض عن طريق المصارف لدعم هذه المنشآت لتأمين المواد الأولية التي تدخل في عمل الحرفي ومنتجه.

رفد الاقتصاد المحلي
غاب الاستقرار وتراجعت السياحة وبقيت الصناعات اليدوية التقليدية تصارع الظروف الصعبة وتصر على الصمود رغم أنف التاريخ والحرب، وبقي الحرفيون موجودين في كل مفصل وفي كل بيت وشارع في سورية، ولأن المهن الحرفية لا تحتاج إلى مواد أولية ذات تكلفة كبيرة حسب رأي الدكتور أيمن ديوب "كلية الاقتصاد" فإن هذه المهن اكتسبت أهمية كبيرة في دعم اقتصاديات الدول النامية، حيث تتميز ببساطة الأدوات ورخص قيمة المخرجات مما يؤدي إلى إقبال الناس على شراء المنتجات الحرفية ويشكل مصدرا للتداول السريع للأموال وتوفير السيولة في الأسواق المحلية، فالمطلوب إذاً هو دعم هذه اليد العاملة وزيادة فرص العمل وتوفيرها للعاطلين عن العمل ورفد الاقتصاد في ظل الأزمة الراهنة، ذلك لأن تطوير هذه المهن الحرفية يوفر عدداً كبيراً من فرص العمل للشباب وكذلك رفد السوق الداخلية بصناعات محلية تعوض مستلزمات هذا السوق من المستوردات الخارجية التي فقدت من السوق نتيجة الأزمة، لذا يجب على الحكومة أن تقوم بتوفير القروض ذات الفوائد المخفضة لتمويل المشاريع الحرفية.
ميس بركات
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك