الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

على الرغم من توافر مادة المازوت... شتاء السوريين لا يزال بارداً

2018-01-07 09:07:55

لم يكن تأخّر حلول فصل الشتاء هذا العام بالأمر المزعج للمواطنين، بل على العكس فقد وجدوا بحرارة الصيف المستمرة حتى هذه الأيام ملاذاً لهم من تحمّل الأعباء المبكّرة القاسية لفصل الشتاء، فارتفاع الأسعار الذي طال كل شيء جعل السوريين يعيشون بحالة قلق دائمة من الشتاء وعلى الرغم من توفر مادة المازوت هذا العام أكثر من الأعوام الماضية إلّا أن أسعار المحروقات المرتفعة وعدم قدرتهم على دفع ثمن المخصصات لهم من هذه المادة دفعة واحدة مع حالة الركود المستمرة للرواتب التي تقف عاجزة أمام أسعار المحروقات جعل تفكير المواطنين ينحصر بشراء أداة تدفئة كهربائية تقي البرد ، أما بقية النهار فالبطانيات المقدّمة مع سلل المعونة كفيلة لبعث الدفء في قلوب الفقراء، إذ إن أدوات التدفئة الكهربائية الصغيرة والكبيرة كغيرها من السلع باتت مع ارتفاع أسعارها بعيدة المنال بالنسبة لمعظم الأسر ذات الدخل المتوسط والمتدني، ففي جولة قصيرة على الأسواق ستكتشف أن شراء الدفء لعائلة واحدة مكونة من أربعة أشخاص سيكلفها ما يزيد عن 200 ألف ليرة سورية، حيث يباع الحرام ذو النوعية المتوسطة بسعر يتراوح بين40 إلى 50 ألف ليرة، في حين يباع الحرام ذو النوعية الجيدة بسعر يبدأ من 50 ألف ليرة وما فوق.


سوق المستعمل

حال الألبسة الشتوية ليس أفضل من حال الأغطية والحرامات الشتوية والتي باتت أسعارها مخيفة أكثر من السنوات الماضية، فلا يقلّ سعر أي قطعة ملابس عن عشرة آلاف ليرة للألبسة المحلية الصنع، في حين لا يمكن لأصحاب الدخل المتوسط ولا المرتفع التفكير بشراء الألبسة المستوردة “الماركات” وكأنها وُضعت فقط لطبقة الأثرياء ما جعل معظم المواطنين يتجهون إلى أسواق البالة لشراء الألبسة الصوفية المستعملة والتي لم تسلم هي الأخرى من نار الارتفاعات التي حرقت الأخضر واليابس، لكن وحسب رأي المواطنين، تبقى هذه الألبسة حتى مع غلاء سعرها ذات جودة مضمونة تكفل لهم إمضاء الشتاء دون الحاجة لشراء العديد من الألبسة.

سوق المستعمل هذا لم يقف عند ألبسة البالة بل أصبح المواطن يتجه بشكل تلقائي إلى أسواق خصصت هذه الفترة لبيع مستلزمات التدفئة، فقد أصبح الذهاب إلى الأسواق الجاهزة يشكل رعباً لمعظم المواطنين، فقد تجاوز سعر المدافئ الكهربائية الوطنية لهذا العام الـ60000 ليرة سورية، في حين تجاوز سعر مدافئ الغاز 40000ليرة، وسعر مدافئ الكهرباء 30000من القياس الصغير لذا نجد المواطنين في سباق إلى الأسواق المستعملة من ألبسة البالة إلى مستلزمات التدفئة التي تشكل ملاذاً لهم، مُلقين اللوم الأكبر على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المقابل يخرج المسؤولون بين الفينة والأخرى ليكرروا على مسامعنا تصريحاتهم ذاتها التي أكل الدهر عليها وشرب بإرجاع مسؤولية فلتان الأسعار إلى قلة عدد المراقبين، التي بقي حلّها معلقاً على الرغم من عمر الأزمة الطويل، مع أن تسوية هذه القضية لا تستلزم ابتكار آليات خارقة، وإنما تحتاج فقط إلى قرار جدّي يخرجها من إطار التنظير والأماني المشكوك في نياتها.


مصائب قوم

في مشهد آخر بعيداً عن مراكز المدن نجد الحال أشدّ برداً وقلّة في الوقود والكهرباء، ليكون الحل الوحيد أمام سكان هذه الأرياف خلال سنوات الأزمة قطع الأشجار واللجوء إلى مدافئ الحطب وفي حالات كثيرة أخرى استغنى المواطنون عن شراء المدافئ الخاصة بالحطب لغلاء سعرها وذلك بتحويل مدافئ المازوت نفسها إلى الحطب، لكن ومع تحوّل هذه الحالات إلى ظاهرة انتشرت في كافة الأرياف أدّت إلى تحوّل الغابات إلى صحراء بعد أن تحوّلت تدفئة الفقراء على الحطب إلى تجارة استغلّها التجار واستثمروها بمئات آلاف حالات قطع الأشجار بطرق جائرة وبيعها بأسعار جنونية، حيث وصل سعر الطن الواحد من الحطب إلى ما يزيد عن 80 ألف ليرة سورية، ليصبح التحطيب الجائر أمراً واقعاً لتأمين وسائل التدفئة وسط غياب الرقابة على عملية التحطيب والأسعار في آن معاً، حيث انتشرت ظاهرة بيع الحطب العشوائي في أغلب مناطق الريف حتى إنها وصلت إلى المدينة، فبدأ بعضهم بقطع الأشجار بشكل عشوائي دون رقابة وافتراش الأرصفة أمام المحلات وبيع الحطب مقطّعاً إلى قطع متناسبة مع حجم المدفأة.


انتعاش “الموكيت”

بين القديم والجديد وتعدد الأصناف وتنوعها من جهة وبين احتفاظ معامل القطاع العام على تصاميم محددة نجد المحال والشوارع بدأت تفترش السجاد والموكيت مستقطبة المواطنين في محاولة لشرائها تبوء بالفشل بعد اقترابهم ومعرفتهم لأسعارها، فعلى الرغم من عودة العديد من المعامل المصنّعة للسجاد والموكيت في العاصمة الاقتصادية لسورية” حلب” للعمل، إلا أن أسعار هذه المنتجات بقيت مرتفعة ، في المقابل أرجع تجار السجاد ارتفاع أسعار هذه السلع إلى ترنح سعر الدولار من ناحية، وإلى ارتفاع أجور النقل بشكل خاص، هنا لم يبق أمام المواطن سوى الاستعاضة عن السجاد بالموكيت الذي لم يسلم هو الآخر من ارتفاع سعره، ليصبح تأمين أبسط متطلبات الحياة من لباس يستر المواطن، وسجادة تفترش الأرض للوقاية من برد الشتاء همّاً، بل ومشكلة يحسب لها ألف حساب، وتحتاج لبرامج، وبرمجة، وضغط نفقات، واتباع سياسة التقشف عند القيام بشرائها!


ركود الأسواق

الباعة وأصحاب المحلات أكدوا أن أسواق هذا الشتاء خذلتهم والأسباب لعدم قدرة الناس على الشراء رغم حاجتهم الماسة لمثل هذه السلع ومع ذلك فقد سجلت أسعار السجاد والموكيت ارتفاعات إضافية هذا العام بسبب صعوبة النقل وارتفاع أجورها وكانت قد أصدرت الشركة العامة لصناعة الصوف والسجاد لائحة أسعار جديدة لمنتجها من السجاد الصوفي الآلي وحددت الشركة في كتاب عممته على الجهات ذات العلاقة سعر المتر المربع بـ 2300 ليرة من السجاد الصوفي بالجملة للجهات العامة ومؤسسات الدولة التسويقية والجمعيات التعاونية الاستهلاكية وللمساجد نقدا وعلى دفعات لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ صدور الفاتورة، كما حددت سعر المتر المربع بـ 2500 ليرة نقدا بالمفرق و 2800 ليرة للمتر المربع تقسيطا للعاملين في الدولة مع حسم 5 % للوكلاء من سعر التقسيط على أن يحدد عدد أشهر التقسيط حسب واقع كل معمل على حدة وبقرار يصدر عن اللجنة الإنتاجية فيه وبما لا يتجاوز 30 شهرا، إلّا أن الواقع يشير على عكس ذلك فالتجار والمحال يتحكمون بالأسعار ضاربين لائحة الأسعار هذه عرض الحائط.


مرونة في التوزيع

مدير عام الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية والمحروقات سمير حسين قال " أن الكمية المخصصة التي تحصل عليها كل عائلة من مادة المازوت لا يمكن تقسيطها أو توزيعها على دفعات خلال التوزيع المباشر من قبل لجنة المحروقات في محافظة دمشق، نظراً لوجود آلية توزيع محددة لا تسمح بتدخل السائق في الكميات التي تُعطى للعائلة، وذلك حرصاً على عدم الوقوع في أخطاء قد تضيّع حق المواطن، إلا أن ذلك التطبيق تم تجاوزه في المحافظات الأخرى، حيث تقوم اللجان المركزية لأغلب المحافظات بالتوزيع على دفعات حسب حاجة وإمكانية كل عائلة، وذلك بالتنسيق مع المحافظة، حيث كان في الإمكان تحقيق هذه المرونة في المحافظات الصغيرة من خلال إمكانية ضبط توزيع الكميات على دفعات. وأوضح حسين أن الشريحة من المواطنين الذين حصلوا على البطاقة الذكية وقاموا باستلام مادة المازوت وفقاً لذلك، يمكنهم الحصول على أي كمية يرغبون بها من مادة المازوت في الدفعة الواحدة، مع الاحتفاظ ببقية الكمية لحين الطلب، وحتى نهاية موسم الشتاء، معتبراً أن الكثير من المواطنين تكاسلوا في التقديم للحصول على البطاقة الذكية لجهلهم بالميزات التي تقدمها، وتقسيط كمية مخصصات مادة المازوت حسب الرغبة هو إحدى تلك الميزات. وبيّن أن مشروع البطاقة الذكية الذي طُبق في دمشق يتم تفعيله في الوقت الراهن في محافظة طرطوس ونتائجه ممتازة حتى الآن، ليصار إلى تطبيقه في جميع المحافظات.

ميس بركات

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك