الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال
أحدث الأخبار

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

مجالس إدارات المؤسسات العامة بين المرونة المفقودة وغياب الصلاحيات التنفيذية..

2017-12-23 10:26:13

منذ أن تمت المباشرة بإحداث مجالس إدارات للمؤسسات العامة وتسمية رؤساء وأعضاء لها، ما تزال تلك المجالس تبدو كهياكل إدارية غير قابلة للتطور والتطوير رغم توفر نصوص قانونية وتشريعية توضح وتفصل الصلاحيات وتحدد المهام والمسؤوليات ولو أنه جرى تطبيقها بالشكل المطلوب كان من الممكن أن تكون النتائج والأداء أفضل...
وكثيرا ما اعتبرت تلك المجالس، حلقة إدارية غير مهمة وغير ذات شأن في عمل المؤسسات العامة الصناعية والمالية والخدمية وغيرها، بالنظر إلى محدودية دورها والذي بدا من خلال التطبيق العملي، حيث بقيت كامل الصلاحيات للمدير العام في الانفاق والصرف والتعيين والمكافأة والمحاسبة، فيما بقي دور مجلس الإدارة كهيكل غير ذي فاعلية ظاهرة وأثر محسوس.. وخاصة لدى العاملين في تلك المؤسسات الذين لا يشعرون بهذا الدور أو يجدون له أثراً واضحاً في مسيرة عملهم أو أداء المؤسسة بشكل عام..
حيث نجد أن مجلس الإدارة هو هيكل إداري يتألف من 9 أعضاء وهو بحكم القانون يمثل السلطة المختصة برسم السياسة التي تسير عليها المؤسسة العامة لتحقيق الغرض الذي قامت من أجله ويتمتع بالصلاحيات في إدارة المؤسسة وتسيير أعمالها ويعتبر مسؤولاً مسؤولية كاملة عن إقرار الخطط وحسن تنفيذها والإدارة الاقتصادية للمؤسسة وتحقيق الريعية الاقتصادية لها وفق سياسة الدولة وخططها العامة، كما أنها مسؤولة عن حسن تنفيذ خطط الإنتاج والاستثمار والتصدير والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بهدف تحقيق ريعية مناسبة لرأس المال المستثمر.
وقد نص القانون أيضاً على أن المؤسسة العامة تدار من قبل مجلس إدارة ومدير عام، وهنا يعين رئيس مجلس الإدارة بمرسوم من غير العاملين في المؤسسة، ومن بين مهامه يقوم مجلس الإدارة برسم سياسات وأهداف الإنتاج والتصدير والتسويق والاستثمار والعمالة والريعية والأسعار ومتابعة الشركات العامة والمنشآت العامة في تحقيقها للأهداف التي تقررها الدولة بهذا الشأن، ووضع الخطط التفصيلية والبرامج التنفيذية التي تكفل تطوير الإنتاج وأحكام الرقابة على جودته وحسن استخدام الموارد المتاحة استخداماً اقتصادياً سليماً وكل ما من شأنه زيادة وكفاية الإنتاج وذلك بالنسبة للمؤسسة العامة والشركات العامة والمنشآت العامة التابعة لها، إلى جانب إقرار الخطة السنوية المتضمنة الخطط (الاستثمارية، الإنتاجية، التجارية، اليد العاملة، التكاليف الريعية، الموازنة التقديرية).
أيضاً لمجلس الإدارة أن يقوم بدراسة التقارير ربع السنوية والسنوية وغيرها التي يتقدم بها المدير العام للمؤسسة أو الشركة العامة أو المنشأة العامة إلى مجلس الإدارة.
ويضم مجلس إدارة المؤسسة العامة تسعة أعضاء بمن فيهم الرئيس، ويكون المدير العام نائباً للرئيس بموجب القانون، وعضوية معاون المدير العام وأحد المديرين في المؤسسة، وثلاثة من غير العاملين يسمي الوزير المختص اثنان منهم على الأقل، وممثلين عن العمال، وممثلين عن التنظيم الفلاحي.
واللافت هنا أن مجلس الإدارة يجتمع مرة على الأقل في الشهر، وله أن يجتمع عند الضرورة بدعوة من رئيسه أو بطلب غالبية أعضائه، ولا تعتبر اجتماعاته قانونية إلا بحضور غالبية الأعضاء بمن فيهم الرئيس أو نائبه في حال غياب الرئيس، وتبقى مسألة القرارات التي يتخذها المجلس بالتصويت عليها وفي حال حظيت بغالبية الأصوات تصبح ملزمة، أما في حال لم تحظى بغالبية الأصوات لا تكون ملزمة، وفي حال تساوي الأصوات فيرجح جانب رئيس مجلس الإدارة.
ورغم كل هذه النصوص والتفصيل في تحديد الصلاحيات والمهام والمسؤوليات إلا أنه حتى الآن لم تنجح تلك المجالس في أن تكون فاعلة في مؤسساتها، وبقي أداءها في إطار العمل الإداري الشكلي خاصة بوجود أعضاء في مجلس الإدارة من غير ذوي الخبرة أو المهارة أو الكفاءة في مجال عمل هذه المؤسسة أو تلك..
والغريب أن الحكومة ما تزال تعول على مجالس إدارات المؤسسات العامة وخاصة الصناعية والاقتصادية منها للنهوض بواقع تلك المؤسسات وتحقيق أرباح وتطوير في الأداء، في وقت تجمع فيه مختلف الآراء على عدم نجاح هذه التجربة لأسباب كثيرة تتعلق بمجموعة الأشخاص الذين تضمهم بعض مجالس الإدارات العامة، وآلية انتقاء رئيس مجلس الإدارة والأعضاء وطريقة تعيين البعض منهم لأسباب أقرب ما يمكن أن تسمى (تنفيعة) للحصول على بعض المكاسب المادية والمعنوية، لبعض هؤلاء دون أن يكونوا قادرين على تقديم أية قيمة مضافة للعملية الإدارية للمؤسسة، نظراً لعدم توافر الخبرة والكفاءة الإدارية أو المهنية أو الاختصاص العلمي المطلوب والمناسب لطبيعة عمل هذه المؤسسة أو تلك.
وهناك وقائع تثبت عدم فاعلية وجدوى تلك المجالس في ضوء الأداء الحالي لها وعدم قدرتها على ممارسة صلاحياتها بالشكل المطلوب، حيث نذكر هنا بعض مجالس إدارات المصارف العامة والمؤسسات الصناعية وحتى المؤسسة العامة السورية للتأمين، حيث حدثت خلافات أدت إلى عرقلة العمل في بعض تلك المؤسسات، وبقي الهم الأساسي لبعض أعضاء تلك المجالس ورؤساءها فقط الحصول على التعويض المادي أو غيره من المكاسب التي يمكن الحصول عليها بطرق مختلفة..
وأهم نقطة هنا هي الضبابية وعدم الوضوح في مهام ودور مجلس الإدارة والصلاحيات المتاحة، في وقت بقي فيه المدير العام (آمر الصرف) هو صاحب القرار الأول والأخير في المؤسسة أمام مجموعة من الأعضاء في مجلس الإدارة بعضهم لا يمتلك أية معلومة أو خبرة في مجال عمل المؤسسة وربما لا يعرف كثيراً عن طبيعة عملها وما تقدمه من إنتاج (خدمي أو سلعي).
وفي مؤسسات أخرى كان لمجلس الإدارة دوراً معرقلاً للعمل ومقيداً له ولم يستطع أن يكون راسماً للاستراتيجيات والخطط وبرامج العمل ولا مقرراً لها.. ما أدى إلى وسم هذه التجربة بالفشل على مدى أكثر من عشر سنوات مضت وإلى الآن ما تزال الحكومة تراهن على عمل هذه المجالس.
ففي آخر اجتماع في وزارة الصناعة أكد رئيس الحكومة على دور هذه المجالس وضرورة أن تقوم بدورها بعد توفير المرونة اللازمة لها في العمل، ولعل كلمة المرونة هذه تحمل في طياتها الكثير من المعاني التي يجب الوقوف عندها واعتبارها نقطة البداية لإعادة النظر بتجربة تلك المجالس وتقييمها وتقويمها، لتكون فاعلة وذات نفع عام للمؤسسة، لا أن تبقى عالة عليها أو سبباً في عرقلة عملها وتأخير الأداء..
وهذا يتطلب نظرة موضوعية لأداء مجالس إدارات المؤسسات وما قدمته من أفكار ومبادرات وتحديد نقاط الضعف والقوة من خلال التجربة العملية، بما يضمن توفير تلك المرونة التي تحدث عنها رئيس الحكومة مؤخراً، لتكون مسؤولة عن النجاح والربح والخسارة، أي لتكون قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها بشكل جدي وحقيقي.
محمود ديبو

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك