تشكل المواقع الأثرية القريبة من بلدة الغارية الواقعة في أقصى الريف الجنوبي لمحافظة السويداء امتداداً حضارياً للأوابد الأثرية والمباني القديمة التي تحتويها هذه البلدة التي سكنها الإنسان القديم في العصر الحجري الوسيط والحديث بين عامي 2000 و1200 قبل الميلاد وترك آثار رسومه ونقوشه على جدران المغاور الموجودة في تلالها.

ويشير الباحث في آثار المنطقة توفيق الصفدي إلى أن أبرز تلك المواقع “الدفيانة” التي تعود آثارها إلى القرن الثاني الميلادي وفيها قصر عال وجدران منتهية بتيجان جميلة ومنقوشة ودير المياس الذي يقع إلى الجنوب من الغارية وورد اسمه في كثير من الحوليات الأثرية لجبل العرب ولا تزال آثار قصوره النبطية واضحة وبركة مستطيلة الشكل أعيد ترميمها في زمن عز الدين أيبك.

ومن المواقع الأثرية المحيطة بالغارية أيضاً والتي تحتوي على مخزون أثري بحسب الصفدي تل “عبد مار” الذي يمثل هضبة لا تزال فوقها آثار كنيسة صغيرة لم يبق منها غير غرفة يرتكز سقفها على أقواس حجرية ولها باب حجري من جهة الشمال حيث تدل أساساته على وجود معبد روماني أو نبطي وتحمل حجارته كثيراً من نقوش وعرائش الكرمة لافتا إلى أنه ونظراً لقدسية المكان صار في سنوات لاحقة ديراً للناسكين علما أن مار بالسريانية تعني السيد أو القديس.

كما تحيط بالغارية مواقع النديبة والرشيدة وشبيح والتل الشرقي وتل بركات الواقع إلى الغرب من بلدة الغارية والذي كان موطناً للإنسان القديم وتشير المكتشفات فيه إلى تعاقب الحضارات التي مرت على هذه المنطقة حيث تدل الآثار المصنوعة من حجر الصوان والتي عثر عليها في الموقع على أن هذه المنطقة سكنت منذ آلاف السنين.

ويضيف الصفدي: إن الغارية هي إحدى ثلاث غاريات في منطقة حوران والمرجح أن اسمها أخذ من عمق غورها أو نفح غارها كما أن قربها من ماء شبيح الشهير غلب عليها فسميت غارية شبيح مبيناً أن أهم المواقع الأثرية التي تحتضنها البلدة بقايا الكنيسة البيزنطية والمعبد النبطي الذي تدل عليه الكثير من الكتابات النبطية المكتشفة والعديد من الخرب الأثرية وتماثيل تحمل كتابة باللغة اليونانية ومذبح مربع الزوايا يحمل نقشا باليونانية ومقبرة أثرية تقع إلى الشمال الشرقي منها وتحوي تسعة مدافن تم اكتشافها قبل سنوات إضافة إلى عدد من الكنوز واللقى الأثرية التي تعود للفترتين البيزنطية والرومانية ونقوش وكتابات صفوية على شكل زرافة وجمل اكتشفت عام 1997.

الجدير ذكره أن بلدة الغارية تقع على بعد نحو 45 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة السويداء.

سانا