مع انحسار هوايات تقليدية قديمة تبدو هوايات كلاسيكية مستمرة عند بعض الأطفال لكنها متأثرة بطبيعة الأحوال بسنوات الأزمة وواقع الحرب فمثلاً تحرص والدة الطفلة رند على تنمية هواية الرسم عند طفلتها ابنة الست سنوات وتستعرض مجموعة من اللوحات التي قامت برسمها مؤخراً تاركة لرند شرح مضمون تلك اللوحات التي تظهر بصمة الواقع بوضوح فيها، وببراءة الطفولة تشرح رند عن إحدى لوحاتها: هنا جندي سوري يحمي الوطن ويرفع راية علمنا بعد انتصار جيشنا في معركته ضد الإرهابيين، وعن لوحة أخرى تتحدث أيضاً: هنا أم سورية تزور ضريح ابنها الشهيد الذي ارتقى إلى السماء بعد أن دافع عن الأرض وحمى الوطن، من جانب آخر تنمي أم رند عند ابنتها هواية القراءة في فترة الاستراحة والعطلة الصيفية وتقول إن أهم هواية في الحياة هي القراءة وإنشاء مكتبة للطفل بشكل تدريجي تنمي معرفته ويستطيع الرجوع إليها للحصول على المعلومات وتمضية وقت الفراغ فيما يفيد وتختم صحيح أننا في زمن ثورة المعلومات والانفجار المعرفي الذي ملأ صفحات الإنترنت لكن أطفالنا بحاجة حقا لأن نساعدهم في خيارات القراءة الصحيحة وتوجيههم لكتاب عظماء فليست أي معرفة منتشرة تصلح لأن تكون هواية تنمي عقول أطفالنا.
هواية وحرفة
في المقابل تهتم ربة المنزل أم نوار بتعليم ابنتيها لين ورنيم فن حياكة الصوف والمطرزات في فصل الصيف هذا العام وتقول إنه من المهم حقاً أن تكون الهواية التي نقدمها لأطفالنا هواية منتجة وحرفة في نفس الوقت لأن أجمل العمل هو ما نحبه وأجمل الهوايات هي ما نستمر بتطويرها في العمل وهناك أشياء كثيرة كنت أهواها وتعلمتها في صغري كالحياكة بصنارة واحدة وتطريز المنمنمات وتصميم مزركشات كثيرة وأحرص على نقل خبرتي لابنتي لتكون عوناً لهما في المستقبل في زمن الاعتماد على النفس.
وتبدو هواية عزام مختلفة قليلاً فالشاب البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً يهتم بمتابعة التكنولوجيا وآخر صيحاتها من المنتجات ويتحدث عن هوايته فيقول متابعتي لأخبار التكنولوجيا منحتني خبرة ومعرفة ودراية بأنواع الهواتف الخلوية أو الأجهزة الحديثة ومواصفاتها وأسعارها لذلك كنت دائماً احرص على الشراء والبيع لاحقاً وهي هواية تعود ببعض المردود المادي أحياناً لكن للأسف فارتفاع أسعار منتجات التكنولوجيا في ظل الأزمة جعل هوايتي في تراجع.
حرية الاختيار
الدكتور سمير محمود "علم نفس الطفل" يؤكد أهمية تنمية الهواية عند الطفل ومتابعتها المستمرة من الأهل ويوضح أن الهواية نشاط منتظم أو اهتمام يمارس خلال أوقات الفراغ بقصد المتعة أو الراحة وتشمل تصنيفات وأشكال كثيرة فهناك هوايات التعلم كالجمع والقراءة وهناك الفنون المختلفة حيث تؤدي إلى اكتساب مهارات ومعرفة كبيرة ومع أن بعض الهوايات تعود على أصحابها بمنفعة مادية لكن الهواية لا يقصد بها تحقيق الأجر وإنما المتعة فقط، ومن المهم التأكيد على عامل الحب والرغبة الشديدة والاندفاع تجاه الهواية حتى تنمو بشكل صحيح داخل الطفل دون فرض أو تلقين من قبل الأهل كبعض الآباء الذين يسجلون أبناءهم في دورات للعزف أو الرياضة دون رغبة الطفل بمعنى يجب ترك حرية الاختيار للطفل مع المراقبة والاهتمام لما يبدع فيه حتى تصبح الهواية مفجرة لطاقات الطفل في اكتشاف واستخراج طاقته الكامنة في داخله ثم متابعتها من الأهل وتطويرها لتحقق أكبر قدر من الإبداع عند الطفل.
تحولات ملحوظة
ويضيف د.محمود متحدثاً عن التحولات التي طرأت في هوايات السوريين عموماً والأطفال بشكل خاص في فترة الأزمة فيقول: للأسف فالظروف العصيبة التي تمر بها سورية الحبيبة تركت أثراً ملحوظاً في تحول العديد من الهوايات واندثار بعضها الآخر كما كان للتطور التكنولوجي أثر مشتت في توجه الأطفال لهويات جديدة بعضها ذو أثر سلبي يدور في إطار الارتهان لهذه التكنولوجيا، فتبعد الأطفال عن الأنشطة الرياضية والهوايات الخارجية التي تنمي حس الخيال لديهم، ويكمل د.محمود من المهم جداً خلال فترة العطلة الحالية أن يتابع الأهل ويطوروا هوايات أولادهم دون تركهم لحالة الشعور بالملل والفراغ حين يردد بعضهم أن العطلة مرت بسرعة ولم يستمتعوا بها أو ينجزوا أي شيء فممارسة الهوايات تجعل الطفل منظماً ومقدراً لوقته، فيكره الخمول أو الجلوس بلا عمل وبذلك نكون قد أنشأنا طفلاً مستغلاً للوقت وباحثاً عن إتمام خططه ومشاريعه من باب الهوايات التي يحب ممارستها فيخدم وطنه ومجتمعه ومن المهم هنا مشاركة الشباب في الجمعيات الأهلية والتطوعية والخيرية أو الجماعات الطلابية لأنها تعتبر نوعاً من ممارسة الهوايات فكل شخص ينتسب لأي جماعة تناسب ميوله ثم يبدأ بممارسة هواياته في خدمة تلك الجهة وهو ما يساهم في زرع روح الجماعة والمحبة والتعاون عند الطفل أو المراهق أو الشاب.
هلا نصر