أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستواصل مكافحة الإرهاب وهي تقدم مساعدة عسكرية لسورية والعراق وغيرهما من الدول التي تكافح الإرهاب موضحا أن الخطر الإرهابي يزداد بسبب سياسة الغرب في سورية.
وقال الرئيس بوتين في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم في دورتها السبعين “إننا نشهد حاليا في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مناطق يتدفق لإليها المتطرفون والإرهابيون تحت راية ما يسمى الدولة الإسلامية” مشيرا إلى أن هؤلاء الإرهابيين هم من المتطرفين والمسلحين بما في ذلك العسكريون العراقيون الذين كانوا مهمشين نتيجة للعدوان والتدخل في العراق في عام 2003 وأيضا يأتون من ليبيا التي تعرضت لعدوان سافر خلافا للقرار الأممي.
وأضاف الرئيس بوتين “إننا نشهد التطورات نفسها في سورية من خلال الدعم لما يسمى “المعارضة المعتدلة” حيث يتم تسليحهم وتدريبهم ومن ثم ينتقلون إلى ما يسمى “الدولة الإسلامية” وهي لم تظهر في مكان خال بل كانت تتم تربيتها كوسيلة وأداة لإسقاط أنظمة غير مرغوب بها وهي تقوم بالتطور والزحف في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط ونفهم أن هذه المخططات ابعد من ذلك وأن الظروف خطرة للغاية”.
وقال الرئيس بوتين “لا يمكن الحديث في مثل هذه الظروف عن حظر الإرهاب العالمي من جهة ومن جهة أخرى التغاضي عن قنوات إمداد الإرهاب الدولي بما في ذلك تهريب الأسلحة والتجارة غير الشرعية للنفط واستغلال هذه المجموعات لأغراض سياسية أملا في القضاء عليها في المستقبل” مبينا “أن أولئك الذين يتصرفون ويفكرون بهذا الشكل نريد أن نقول لهم أنتم تتعاملون مع أشخاص ليسوا جهلة ومن السابق لأوانه الحديث عمن يستغل من”.
وأضاف الرئيس الروسي “إن المعلومات الأخيرة حول تسليم الأسلحة الأمريكية إلى الإرهابيين من قبل “المعارضة المعتدلة” أفضل مثال ودليل على ذلك ومن الخطير أن تكون التصرفات بهذا الشكل لأن الخطر الإرهابي يتزايد في هذه الظروف ويشمل مناطق جديدة في العالم نظرا لأن “داعش” يمر عبر دورات لتدريب مسلحين من مختلف أنحاء العالم بما فيها روسيا ولا يمكن أن نسمح لهؤلاء قاطعي الرؤوس بالعودة إلى بلادهم لمواصلة أعمالهم الشريرة ولا أحد يريد ذلك”.
يجب الاعتراف بأن الجيش السوري ووحدات الدفاع الشعبي الكردية هي القوة الفعالة التي تواجه “داعش”
وأوضح الرئيس بوتين “أن روسيا كانت دائما وبثبات تواجه وتكافح الإرهاب بكل أشكاله واليوم نقدم مساعدة عسكرية وتقنية للعراق وسورية وغيرهما من دول المنطقة التي تواجه الإرهاب ونعتقد أن هناك خطأ فادحا بالتخلي عن التنسيق مع الحكومة السورية والجيش السورى الذي يواجه الإرهاب” مضيفا إنه “يجب الاعتراف بأنه ليس هناك أي قوة فعالة أخرى تواجه “داعش” وغيره من التنظيمات الإرهابية في الأراضي السورية باستثناء الجيش السوري ووحدات الدفاع الشعبي الكردية وعلينا أن ننطلق من هذه الحقيقة”.
واعتبر الرئيس بوتين أن المواقف الروسية الصريحة والواضحة تستخدم كذريعة لاتهام روسيا بأن لديها طموحات ولكن الأمر لا يكمن في الطموحات بل في أنه لا نستطيع أن نتحمل أكثر من تلك الظروف الحالية التي نشأت في العالم.
وقال الرئيس الروسي “ندعو إلى الاحتكام غلى القيم المشتركة بناء على القانون الدولي لتوحيد جهودنا من اجل حل ومعالجة القضايا الجديدة وتشكيل تحالف حقيقي لمواجهة الإرهاب الدولي على غرار ذلك التحالف الذي كان يواجه الشر النازي وبالطبع يجب أن يكون هناك لاعبون أساسيون وهي الدول الإسلامية في هذا التحالف والتي تتعرض للخطر المباشر من قبل هذه التنظيمات التي تدنس الدين الإسلامي العظيم ..والإرهابيون يدنسون القيم الإسلامية ويشوهونها”.
وأضاف الرئيس بوتين “أريد التوجه إلى الشخصيات الدينية الإسلامية حيث يحتاج العالم حاليا إلى كلمتكم الحق وذلك للحيلولة دون تجنيد الناس والذين تم تجنيدهم بشتى أساليب الكذب والخداع فعلينا التأثير على عودتهم إلى الحياة السلمية وإلى تسليم السلاح”.
وأعلن الرئيس بوتين أن روسيا ستعقد في الأيام القادمة اجتماعا وزاريا لمجلس الأمن بصفتها رئيسة للمجلس في دورته الحالية وذلك لمناقشة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومواجهة تنظيم “داعش” وغيره من التنظيمات الإرهابية موضحا أن روسيا تقترح بحث إمكانية التوصل إلى صياغة قرار لمجلس الأمن بشأن تنسيق جهود جميع القوى المناهضة لتنظيم “داعش” ومنظمات إرهابية أخرى.
وشدد الرئيس الروسي على ضرورة أن يعتمد هذا التنسيق على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقال “نعول على أن المجتمع الدولي سيتمكن من وضع استراتيجية شاملة لإعادة الإعمار في الشرق الأوسط وجراء ذلك سنكون غير مضطرين لبناء معسكرات ومخيمات للاجئين الذين يتدفقون من دول الجوار ومن ثم بدؤوا يتدفقون إلى أوروبا حيث أننا نشهد تنقلا عالميا جديدا معاصرا للشعوب”.
وأكد الرئيس بوتين أن الحل الجذري لأزمة اللاجئين يكون في استعادة مؤسسات الدولة وتعزيز إعادة إعمارها وذلك من خلال تقديم مساعدات مادية وعسكرية وسياسية لتلك الدول ولجميع الأشخاص الذين لم يغادروا أماكنهم رغم كل الأزمات التي تعرضوا لها موضحا أن هذه المساعدات لا يجب فرضها بل يجب اقتراحها بموجب ميثاق الأمم المتحدة لأن كل ما يجري التفافا على المنظمة الدولية يجب أن يكون مرفوضا وفي هذه الظروف “لابد من تقديم المساعدة للحكومة الشرعية في سورية وفي العراق ولمؤسسات الدولة في ليبيا”.
ولفت الرئيس الروسي إلى أن الهدف الرئيسي للأمم المتحدة يكمن في ضمان الأمن والاستقرار العالميين وهذا الأمن يجب أن يكون متساويا للجميع وليس للأطراف الاستثنائية معتبرا أن هذا العمل رغم صعوبته لابد منه.
وقال الرئيس بوتين “إن التفكير الاستقطابي واستيعاب مجالات جيوسياسية جديدة لدى بعض شركائنا لا يزال مهيمنا فمنذ البداية عملوا على توسيع حلف الناتو في مقابل أن معاهدة “وارسو” انهارت” لافتا إلى أنهم خيروا الدول السوفييتية السابقة بين الشرق والغرب وهذا التفكير والمنطق كان عاجلا أم آجلا سيتحول إلى أزمة جيوسياسية.
ولفت الرئيس بوتين إلى أن ما حدث في أوكرانيا كان محاولة لعملية انقلابية من الخارج ومن ثم الانتقال إلى حرب أهلية مؤكدا أن تطبيق اتفاقات “مينسك” واحترام حقوق الإنسان في دونباس هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة فالتهديد بالقوة لا يمكن من خلاله الحفاظ على وحدة أوكرانيا وبناء هيكل الدولة.
وأشار الرئيس بوتين إلى أن الاحتفال بالذكرى السبعين لإنشاء الأمم المتحدة يمثل مناسبة مهمة بعد أن قامت الدول التي دحرت النازية بتجميع جهودها لوضع دعامة عالم ما بعد الحرب لافتا إلى أن منظمة الأمم المتحدة مؤسسة لا مثيل لها من حيث الحضور والشمولية لكنها “في الآونة الأخيرة كثيرا ما تتعرض لانتقادات لأنها تفتقد الفعالية ولأن القرارات المتخذة ربما قد ترتكز إلى تناقضات لا يمكن تجاوزها وخصوصا في مجلس الأمن”.
إجراءات الالتفاف على نظام الأمم المتحدة غير شرعية وتناقض ميثاق الأمم المتحدة
وأوضح الرئيس بوتين أن “القرارات التي تتم مناقشتها في المحفل الأممي إما أن يتم الموافقة عليها أو لا” مبينا أن جميع الإجراءات لأي دولة التفافا على هذا النظام تعتبر غير شرعية وتناقض ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي المعاصر حيث إن المنظمة لها دلالات أساسية تأخذ بعين الاعتبار آراء ومواقف متنوعة.
وقال الرئيس بوتين “نعرف جميعا أنه بعد الحرب الباردة ظهر في العالم قطب التأثير الوحيد ومن وجدوا أنفسهم على قمة هذا الهرم ظنوا أنه ما من أحد يعرف أكثر منهم ما يجب القيام به وذلك من خلال تبني قرارات مطلوبة ورفض أولئك الذين يمتنعون عن تبني قرارات تتوافق مع مطالبهم.. ولكن هذا الهيكل نفذ رسالته التاريخية والعالم يتغير وعلى الأمم المتحدة أن تواكب هذه التغيرات العالمية”.
وأكد الرئيس بوتين أن روسيا بناء على الوفاق العالمي مستعدة لمواصلة هذا العمل مع جميع الشركاء معتبرا أن أي محاولات لزعزعة هذه الشرعية خطيرة لأنها قد تؤدي إلى انهيار هيكل العلاقات العالمية ولن يكون في مثل هذه الظروف أي قاعدة باستثناء قاعدة القوي ويتحول العالم الذي تكون فيه الدول مستقلة إلى عالم يقوده مركز واحد.
وأكد الرئيس بوتين أهمية احترام حق تقرير المصير لكل إنسان وللدول وقال “في هذه المناسبة تظهر مسألة شرعية الدول ولا يمكن التلاعب بالكلمات لأنه في القانون الدولي والشؤون الدولية يجب أن يكون كل مصطلح واضحا وشفافا وتتم قراءته بشكل واحد وبناء على معايير موحدة فنحن متنوعون ومختلفون ويجب احترام ذلك ولا يجب أن نتكيف مع هيكل آخر فرض من قبل طرف ما”.
وأضاف الرئيس بوتين “علينا ألا ننسى تجربة الماضي ونتذكر من تاريخ الاتحاد السوفييتي أن تصدير التجارب الاجتماعية ومحاولة تشجيع التغيرات في بلدان ما انطلاقا من المبادئ الإيديولوجية كان يؤدي إلى عواقب كارثية وإلى الانهيار.. ولا أحد يريد أن يتعلم من أخطائه بل يريد تكرار أخطاء الآخرين.. وحاليا نشهد محاولات تصدير الثورات الديمقراطية”.
وأوضح الرئيس بوتين أن “هذه المشاكل الاجتماعية والسياسية كانت تتراكم منذ القدم والناس تريد تغيرات ولكن ما حصل في الحقيقة أنه في هذا العدوان السافر تم تضمير الإصلاحات في المؤسسات الحكومية ونمط الحياة وبدلا من التقدم والديمقراطية نشهد القمع والكارثة الاجتماعية وتدنيس حق الإنسان في الحياة”.
الحظر أو العقوبات أحادية الجانب تؤدي إلى زعزعة النظام التجاري العالمي
وأكد الرئيس بوتين أهمية التعاون الاقتصادي الشامل واستخدام القوانين الاقتصادية العادلة بما فيها مبادئ منظمة التجارة العالمية مبينا أن الحظر أو العقوبات أحادية الجانب التي تستخدم لمحاولة إبعاد المنافسين من السوق يعبر عن الأنانية ويؤدي إلى زعزعة النظام التجاري ويهدد العلاقات الدولية وهذه المخاطر يمكن أن تطول جميع الدول وتؤثر على الاقتصاد العالمي.
ودعا الرئيس بوتين إلى تحديد التكنولوجيات الحديثة التي يمكن أن تحافظ على البيئة والحفاظ على الطبقات الجوية للكرة الأرضية مؤكدا أنه يجب على الدول التي لديها الإمكانيات الكبيرة العلمية أن تؤسس لهذا المجال من التعامل وقال “ندعو لعقد منتدى دولي ينظر في قضايا نفاد الموارد الطبيعية”.